الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 303 ] ( وحب ) بالحاء ( نحر الإبل ) في سفل العنق ( وكره ) ( ذبحها ) ، ( والحكم في غنم وبقر ) ( عكسه ) فندب ذبحها ( وكره نحرها لترك السنة ) ومنعه مالك ( ولا بد من ) ( ذبح صيد مستأنس ) لأن زكاة الاضطرار إنما يصار إليها عند العجز عن ذكاة الاختيار ( وكفى ) ( جرح نعم ) كبقر وغنم ( توحش ) فيجرح كصيد ( أو تعذر ذبحه ) كأن تردى في بئر أو ند أو صال ، حتى لو قتله المصول عليه مريدا ذكاته حل . وفي النهاية : بقرة تعسرت ولادتها فأدخل ربها يده وذبح الولد حل ، وإن جرحه في غير محل الذبح ، إن لم يقدر على ذبحه حل وإن قدر لا .

قلت : ونقل المصنف أن من التعذر ما لو أدرك صيده حيا أو أشرف ثوره على الهلاك وضاق الوقت على الذبح أو لم يجد آلة الذبح فجرحه حل في رواية . [ ص: 304 ] وفي منظومة النسفي قوله : إن الجنين مفرد بحكمه لم يتذك بذكاة أمه فحذف المصنف إن وقالا إن تم خلقه أكل لقوله عليه الصلاة والسلام { ذكاة الجنين ذكاة أمه } وحمله الإمام على التشبيه أي كذكاة أمه ، بدليل أنه روي بالنصب ، وليس في ذبح الأم إضاعة الولد لعدم التيقن بموته .

التالي السابق


( قوله وحب ) مبني للمجهول بناء على أن حب متعد وهي لغة ا هـ ح ، وعبر به تبعا لقول الهداية : والمستحب . وقد قال في الكنز : وسن ، ولعله مراد صاحب الهداية لا المستحب الاصطلاحي ، يؤيده قوله : أما الاستحباب فلموافقة السنة المتوارثة ا هـ فلا مخالفة شرنبلالية .

قلت : ويؤيده أيضا تصريحه بكراهة تركه ( قوله نحر الإبل ) النحر : قطع العروق في أسفل العنق عند الصدر ، والذبح : قطعها في أعلاه تحت اللحيين زيلعي . واعلم أن النعام والإوز كالإبل ، والضابط كل ما له عنق طويل أبو السعود عن شرح الكنز للأبياري . وفي المضمرات : السنة أن ينحر البعير قائما ، وتذبح الشاة أو البقرة مضجعة قهستاني ( قوله وكره إلخ ) ينبغي أن تكون كراهة تنزيه أبو السعود عن الديري ( قوله ومنعه مالك ) المشهور من مذهبه أنه إن كان للضرورة فلا بأس بأكله وإلا كره أكله أبو السعود عن الديري ( قوله وكفى جرح نعم إلخ ) النعم بفتحتين وقد يسكن قهستاني . قال في الهداية : أطلق فيما توحش من النعم . وعن محمد أن الشاة إذا ندت في الصحراء فذكاتها العقر ، وإن ندت في المصر لا تحل بالعقر لأنها لا تدفع عن نفسها فيمكن أخذها في المصر فلا عجز ، والمصر وغيره سواء في البقر والبعير لأنهما يدفعان عن أنفسهما فلا يقدر على أخذهما وإن ندا في المصر ا هـ . وبهذا التفصيل جزم في الجوهرة والدرر ، وهو مقتضى التعليل في ذكاة الاضطرار

( قوله توحش ) أي صار وحشيا ومتنفرا ولم يمكن ذبحه قهستاني ( قوله فيخرج كصيد ) فإن أصاب قرنه أو ظلفه ، إن أدمى حل وإلا فلا أتقاني ( قوله أو تعذر ذبحه ) أعم مما قبله وفي الشرنبلالية عن منية المفتي : بعير أو ثور ند في المصر ، إن علم صاحبه أنه لا يقدر على أخذه إلا أن يجتمع جماعة كثيرة فله أن يرميه ا هـ فلم يشترط التعذر بل التعسر ا هـ ( قوله كأن تردى في بئر ) أي سقط وعلم موته بالجرح أو أشكل ، لأن الظاهر أن الموت منه ، وإن علم أنه لم يمت من الجرح لم يؤكل ، وكذا الدجاجة إذا تعلقت على شجرة وخيف فوتها فذكاتها الجرح زيلعي ( قوله أو ند ) أي نفر ( قوله مريدا ذكاته ) أي بأن سمى عند جرحه ، أما إذا لم يردها ولم يسم بل أراد ضربه لدفعه عن نفسه فلا شبهة في عدم حله فافهم ( قوله حل ) أي إذا كان لا يقدر على أخذه وضمن قيمته أتقاني ( قوله وفي النهاية إلخ ) هذا يفيد أن قولهم إنما تعتبر حياة الولد بعد خروج أكثره مخصوص بالآدمي لأنه لو لم يعتبر الولد في بطن أمه حيا لم تعتبر ذكاته وليحرر ا هـ رحمتي ( قوله وذبح الولد ) أي بعد العلم بحياته تأمل ( قوله حل في رواية ) الأولى أن يقول في قول لأنه نقله المصنف عن القنية معزوا إلى بعض [ ص: 304 ] المشايخ . وقال البعض الآخر : لا يحل أكله إلا إذا قطع العروق أفاده ط

( قوله وفي منظومة النسفي ) خبر مقدم ولفظة قوله مبتدأ مؤخر : أي قول النسفي وما بعده مقول القول ، وقوله فحذف المصنف إن أي وأتى بدلها بالواو . وقال في المنح : ففيه بعض تغيير ، وهذا يفيد أن قوله والجنين إلخ من المتن كما هو الموجود في المنح ، وهو خلاف ما رأيته في عدة نسخ من هذا الشرح فإنه مكتوب بالأسود . ومعنى البيت أن الجنين وهو الولد في البطن إن ذكي على حدة حل وإلا لا ، ولا يتبع أمه في تذكيتها لو خرج ميتا فالشطر الثاني مفسر للأول ( قوله بدليل أنه روي بالنصب ) وعليه فلا إشكال أنه تشبيه ، وإن كان مرفوعا فكذلك لأنه أقوى في التشبيه من الأول كما عرف في علم البيان ، قيل ومما يدل على ذلك تقديم ذكاة الجنين كما في قوله :

وعيناك عيناها وجيدك جيدها سوى أن عظم الساق منك دقيق

عناية ( قوله وليس في ذبح الأم إلخ ) جواب عما يقال إنه لو لم يحل بذبح أمه لما حل ذبحها حاملا لإتلاف الحيوان وتقرير الجواب ظاهر ، لكن في الكفاية إن تقاربت الولادة يكره ذبحها ، وهذا الفرع لقول الإمام : وإذا خرج حيا ولم يكن من الوقت مقدار ما يقدر على ذبحه فمات يؤكل ، وهو تفريع على قولهما ا هـ




الخدمات العلمية