الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( لا ) عند ( مذي أو ودي ) بل الوضوء منه ومن البول جميعا على الظاهر [ ص: 166 ] ( و ) لا عند ( إدخال إصبع ونحوه ) كذكر غير آدمي وذكر خنثى وميت وصبي لا يشتهي وما يصنع من نحو خشب ( في الدبر أو القبل ) على المختار ( و ) لا عند ( وطء بهيمة أو ميتة أو صغيرة غير مشتهاة ) بأن تصير مفضاة بالوطء وإن غابت الحشفة ولا ينتقض الوضوء ، فلا يلزم إلا غسل الذكر قهستاني عن النظم ، وسيجيء أن رطوبة الفرج طاهرة عنده فتنبه ( بلا إنزال ) لقصور الشهوة [ ص: 167 ] أما به فيحال عليه .

التالي السابق


( قوله : لا عند مذي ) أي لا يفرض الغسل عند خروج مذي كظبي بمعجمة ساكنة وياء مخففة على الأفصح ، وفيه الكسر مع التخفيف والتشديد ، وقيل هما لحن ماء رقيق أبيض يخرج عند الشهوة لا بها ، وهو في النساء أغلب ، قيل هو منهن يسمى القذى بمفتوحتين نهر .

( قوله : أو ودي ) بمهملة ساكنة وياء مخففة عند الجمهور ، وحكى الجوهري كسر الدال مع تشديد الياء . قال ابن مكي : ليس بصواب . وقال أبو عبيد إنه الصواب وإعجام الدال شاذ : ماء ثخين أبيض كدر يخرج عقب البول نهر .

( قوله : بل الوضوء منه إلخ ) أي بل يجب الوضوء منه أي من الودي ومن البول جميعا ، وهذا جواب عما يقال إن الوجوب بالبول السابق على الودي فكيف يجب به . وبيان الجواب أن وجوبه بالبول لا ينافي الوجوب بالودي بعده ، حتى لو حلف لا يتوضأ من رعاف فرعف ثم بال أو بالعكس فتوضأ فالوضوء منهما فيحنث ، وكذا لو حلفت لا تغتسل من جنابة فجومعت وحاضت فاغتسلت فهو منهما ، وهذا ظاهر الرواية بحر . وذكر أربعة أجوبة أخر : منها أن الودي ما يخرج بعد الاغتسال من الجماع وبعد البول ، وهو شيء لزج كذا فسره في الخزانة والتبيين فالإشكال إنما يرى على من اقتصر في تفسيره على ما يخرج بعد البول .

( قوله : على الظاهر ) أي إن قلنا إن وجوب الوضوء منه ومن البول بناء على ظاهر الرواية من مسألتي اليمين السابقين وذكر المحقق في الفتح أن الوضوء من الحدث السابق وأن السبب الثاني لم يوجب شيئا لاستحالة تحصيل الحاصل إلا إذا وقعا معا كأن رعف وبال معا قرره الآمدي ، قال وهو معقول يجب قبوله وهو قول الجرجاني من مشايخنا . [ ص: 166 ] والحق أن لا تنافي بين كون الحدث بالأول فقط وبين الحنث ; لأنه لا يلزم بناؤه على تعدد الحدث بل على العرف والعرف أن يقال لمن توضأ بعد بول ورعاف توضأ منهما .

( قوله : غير آدمي ) كجني وقرد وحمار .

( قوله : خنثى ) أي مشكل .

( قوله : وما يصنع ) أي على صورة الذكر .

( قوله : في الدبر ) متعلق بإدخال .

( قوله : على المختار ) قال في التجنيس : رجل أدخل إصبعه في دبره وهو صائم اختلف في وجوب الغسل والقضاء . والمختار أنه لا يجب الغسل ولا القضاء ; لأن الإصبع ليس آلة للجماع فصار بمنزلة الخشبة ذكره في الصوم ، وقيد بالدبر ; لأن المختار وجوب الغسل في القبل إذا قصدت الاستمتاع ; لأن الشهوة فيهن غالبة فيقام السبب مقام المسبب دون الدبر لعدمها نوح أفندي . أقول : آخر عبارة التجنيس عند قوله بمنزلة الخشبة ، وقد راجعتها منه فرأيتها كذلك ، فقوله وقيد إلخ من كلام نوح أفندي ، وقوله لأن المختار وجوب الغسل إلخ بحث منه سبقه إليه شارح المنية ، حيث قال والأولى أن يجب في القبل إلخ ، وقد نبه في الإمداد أيضا على أنه بحث من شارح المنية فافهم .

( قوله : ولا عند وطء بهيمة إلخ ) محترزات قوله في أحد سبيلي آدمي حي يجامع مثله . وفي القنية برمز أجناس الناطفي فرج البهيمة كفيها لا غسل فيه بغير إنزال ويعزر ، وتذبح البهيمة وتحرق على وجه الاستحباب ، ولا يحرم أكل لحمها به . ا هـ . وسيأتي في الحدود .

( قوله : بأن تصير مفضاة ) أي مختلطة السبيلين . وفي المسألة خلاف ، فقيل يجب الغسل مطلقا ، وقيل لا مطلقا . والصحيح أنه إذا أمكن الإيلاج في محل الجماع من الصغيرة ولم يفضها فهي ممن تجامع فيجب الغسل سراج . أقول : لا يخفى أن الوجوب مشروط بما إذا زالت البكارة ; لأنه مشروط في الكبيرة كما يأتي قريبا ففيها بالأولى ، فقوله في البحر قد يقال إن بقاء البكارة دليل على عدم الإيلاج فلا يجب الغسل كما اختاره في النهاية فيه نظر ، فتدبر .

( قوله : قهستاني ) أقول : عبارته وطء البهيمة والميتة غير ناقض للوضوء بلا إنزال فلا يلزم إلا غسل الذكر كما في صوم النظم . ا هـ . وكأن الشارح قاس الصغيرة عليهما تأمل . ويؤخذ من هذا أن المباشرة الفاحشة الناقضة للوضوء لا بد أن تكون بين مشتهيين كما قدمناه .

( قوله : وسيجيء ) أي في باب الأنجاس . مطلب في رطوبة الفرج

( قوله : الفرج ) أي الداخل ، أما الخارج فرطوبته طاهرة باتفاق بدليل جعلهم غسله سنة في الوضوء ، ولو كانت نجسة عندهما لفرض غسله . ا هـ . ح . أقول : قد يقال إن النجاسة ما دامت في محلها لا عبرة لها ; ولذا كان الاستنجاء سنة للرجال والنساء في غير الغسل مع أن الخارج نجس باتفاق ، فلا تدل سنية الغسل على الطهارة فتدبر ، نعم يدل على الاتفاق كونه له حكم خارج البدن ، فرطوبته كرطوبة الفم والأنف والعرق الخارج من البدن .

( قوله : فتنبه ) أشار به إلى أن ما في النظم مبني على قولهما ، فلا تغفل وتظن من جزمه به أنه متفق عليه .

( قوله : لقصور الشهوة ) أي التي أقيمت مقام الإنزال في وجوب الغسل عند الإيلاج ، لكن يرد عليه لو جامع عجوزا شوهاء لا تشتهى أصلا ، ويظهر لي الجواب [ ص: 167 ] بأنها قد ثبت لها وصف الاشتهاء فيما مضى فيبقى حكمه الآن ما دامت حية كما ذكره في مسألة المحاذاة في الصلاة ، بخلاف البهيمة والميتة والصغيرة تأمل ، وهذا علة لعدم وجوب الغسل فيما تقدم .

( قوله : أما به ) أي أما فعل هذه الأشياء المصاحب للإنزال فيحال وجوب الغسل على الإنزال ط .




الخدمات العلمية