الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومن جهل الوقت ) لغيم أو حبس [ ص: 380 ] في مكان مظلم أو نحوهما ( اجتهد ) بما يغلب على ظنه دخوله ( بورد ونحوه ) كصوت ديك جربت إصابته للوقت ، وصنعة وجوبا إن عجز عن اليقين ، وجوازا إن قدر عليه ، هذا كله إن لم يخبره ثقة عن مشاهدة ، فإن أخبره عن علم امتنع عليه الاجتهاد كوجود النص لأنه خبر من أخبار الدين فرجع فيه المجتهد إلى قول الثقة كخبر الرسول ، ولا فرق بين الأعمى والبصير في ذلك ، ومقتضى كلام الروضة العمل بقول المخبر عن علم ولو أمكنه هو العلم بخلاف القبلة .

                                                                                                                            وفرق بينهما بتكرر الأوقات فيعسر العلم كل وقت . بخلاف القبلة فإنه إذا علم عينها مرة واحدة اكتفى به بقية عمره ما دام مقيما بمكة فلا عسر ، ومن قدر على الاجتهاد لم يقلد مجتهدا لأن المجتهد لا يقلد مجتهدا ، نعم لأعمى البصر والبصيرة تقليد بصير ثقة عارف ، وأذان العدل العارف بالمواقيت في الصحو كالإخبار عن علم ، وله تقليده في الغيم لأنه لا يؤذن عادة إلا في الوقت ، ولو صلى من غير اجتهاد لزمه الإعادة مطلقا لتركه الواجب ، ويلزم المجتهد التأخير إلى أن يغلب على ظنه دخوله وتأخيره إلى خوف الفوات أفضل ، ويجوز للمنجم والحاسب العمل بمعرفتهما وليس لأحد تقليدهما فيه .

                                                                                                                            والحاسب كما سيأتي في الصوم من يعتمد منازل القمر وتقدير سيره . والمنجم من يرى أول الوقت طلوع النجم الفلاني .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ومن جهل الوقت اجتهد ) .

                                                                                                                            [ فرع ] سئل م ر عمن اجتهد في الوقت لنحو غيم وصلى ولم يتبين له الحال لكن غلب على ظنه أن صلاته قبل الوقت هل يجب عليه الإعادة ؟ وعمن فاته الظهر والعصر مثلا بعذر والمغرب والعشاء بغير عذر فهل يستحب له الترتيب أم يجب عليه تقديم ما فاته بغير عذر ؟ فأجاب بما نصه أما المسألة الأولى فمن غلب على ظنه فيها وقوع ما فعله قبل الوقت وجبت عليه الإعادة ، وأما الثانية فمقتضى إطلاق الأصحاب استحباب الترتيب تقديم الأول فالأول مطلقا وإن خالف الأذرعي في ذلك ا هـ سم على منهج وقد يتوقف فيما أجاب به عن المسألة الأولى بأنه حيث بنى فعله على الاجتهاد لا ينقض إلا بتبين خلافه ، ومجرد ظن أنها وقعت قبل الوقت لا أثر له ، بل القياس أنه لو اجتهد ثانيا بعد الصلاة فأداه اجتهاده إلى خلاف ما بنى عليه فعله الأول لا يلتفت إليه لأن الاجتهاد لا ينقض [ ص: 380 ] بالاجتهاد ( قوله : كصوت ديك ) ظاهره أنه يصلي بمجرد سماع صوت الديك ونحوه .

                                                                                                                            وقال شيخنا الحلبي : وهو غير مراد ، بل المراد أنه يجعل ذلك علامة يجتهد بها كأن يتأمل في الخياطة التي فعلها هل أسرع فيها عن عادته أو لا ، وهل أذن الديك قبل عادته بأن كان ثم علامة يعرف بها وقت أذانه المعتاد إلى غير ذلك مما ذكر .

                                                                                                                            قال : ويدل على ذلك قوله : اجتهد بورد ونحوه ، فجعل الورد ونحوه آلة للاجتهاد ولم يقل اعتمد على ورد ونحوه ا هـ .

                                                                                                                            وهو ظاهر جلي ( قوله : إن عجز عن اليقين ) أي بالصبر حتى يدخل الوقت بحيث إنه لو صبر طلبا لتحقق الوقت لا يرجو به معرفته ، قال في شرح البهجة : أو بخروجه من ظلمة ورؤية الشمس ا هـ ( قوله : إن لم يخبره ثقة ) وفي معناه مزولة وضعها عدل أو فاسق ومضى عليها زمن يمكن فيه اطلاع أهل المعرفة والعدل عليها ولم يطعنوا فيها ( قوله : في ذلك ) أي الاجتهاد والعمل بقول الثقة ( قوله : ولو أمكنه ) معتمد ومنه ما لو كان بحيث لو خرج من محله الذي هو فيه رأى الشمس وأمكنه اليقين ( قوله : والبصيرة ) الواو بمعنى أو فالمراد أن لكل منهما التقليد ( قوله : ثقة عارف ) أي بدخول الوقت كما يأتي نظيره في أن له تقليد الثقة العارف بأدلة القبلة بالاجتهاد ( قوله : الإعادة مطلقا ) أي تبين أن صلاته في الوقت أو لا ( قوله : ويجوز للمنجم ) بل يجب عليه ذلك كما نقله سم على منهج عن الشارح ، وعبارته فرع : قالوا للمنجم اعتماد حسابه ولا يقلد غيره .

                                                                                                                            واعتمد م ر أنه يجب عليه اعتماد حسابه على طريق ما اعتمده من أنه يجب عليه صوم رمضان إذا عرفه بالحساب ويجزيه كما يأتي ( قوله : وليس لأحد تقليدهما ) سيأتي في الصوم أن لغيره العمل به فيحتمل مجيئه هنا ، وأن يفرق بأن أمارات دخول الوقت أكثر وأيسر من أمارات دخول رمضان ا هـ سم على حج ، والأقرب عدم الفرق فإن المدار على ما يغلب على الظن دخول الوقت وهو حاصل حيث اعتقد صدقه ، ثم رأيت م ر صرح به في فتاويه هذا ، وقضية ما ذكر أن الاعتماد على منازل القمر وعلى أن دخول الوقت يكون عند طلوع النجم الفلاني ليس اعتمادا على أدلة القبلة لأن أدلتها غير ما ذكر لما تقدم من أن سماع [ ص: 381 ] المؤذن الثقة العارف بالأدلة كالإخبار عن علم .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 380 ] قوله : امتنع عليه الاجتهاد ) لعل المراد امتناع الأخذ بقضية الاجتهاد حينئذ




                                                                                                                            الخدمات العلمية