الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن لم يقصد وأيس منه فلربها ، وعلى تحقيق بغيرها فله كالدار ، إلا أن لا يطرده لها فلربها .

التالي السابق


( وإن لم يقصد ) الطارد إيقاعه في الحبالة أو قصده ( وأيس ) الطارد ( منه ) أي الصيد بأن أعياه وانقطع عنه وهرب حيث شاء فوقع في الحبالة ( فلربها ) أي : الحبالة الصيد ولا شيء عليه للطارد ويبعد مع اليأس قصد الحبالة ( و ) إن كان الطارد ( على تحقيق ) من إمساك الصيد ( بغيرها ) أي : الحبالة ( فله ) أي : الطارد الصيد خاصة دون ذي الحبالة وعليه أجرتها إن قصد إراحة نفسه بإيقاعه فيها .

وشبه في اختصاص الطارد فقال ( كالدار ) لإنسان طرد الآخر صيدا إليها فدخلها فهو لطارده ولو قصدها ، وسواء أمكنه أخذ بدونها أم لا ولا شيء عليه لربها فيما خفف به على نفسه من التعب خلافا لابن رشد ; لأنها لم تبن للصيد ولم يقصد بانيها تحصيله بها في كل حال ( إلا أن لا يطرده ) أي : الطارد الصيد ( لها ) أي : الدار ( فلربها ) أي الدار الصيد إلا أن يتحقق الطارد اتخذ بغيرها فهو له كما فهم من قوله وعلى تحقيق بغيرها بالأولى إذا كانت الدار مسكونة ، فإن كانت خالية أو خرابا فلما فرخ فيها أو وجد بها من الصيد فلواجده ، وكذا ما يوجد بالبساتين المملوكة ; لأنها لم يقصد بها ذلك ففي المجموعة عن ابن كنانة في الرجل يجد النحل في شجرة فلا بأس أن ينزع عسلها إذا لم يعلم أنه لأحد ولا يحل له أن يأكل عسلا جج نصبه غيره في مفازة أو عمران [ ص: 440 ] واستدل به بعض شراح المدونة على أن صاحب الدار والخراب لا يستحق ما فيها من الصيد ، والمراد برب الدار مالك ذاتها ولو حكما كالواقف وناظر الوقف في البيوت المرصدة على عمل فما يقع فيها من الصيد فهو للواقف أو الناظر وصرفه في مصالح الوقف لا لمن أرصد عليه البيت قاله عج وأولى غير المرصدة من موقوفة على مطلق مصالح الوقف ا هـ عب . البنانة قوله واستدل به بعض شراح المدونة إلخ بحث فيه بأنه لا دليل فيه على المدعي ، وقد قال ابن عرفة فيمن اكترى أرضا وجر السيل الحرث إليها أنه لرب الأرض دون المكتري ، وتأمل قول المصنف في المواق وهل في أرض العنوة فقط إلخ ، وحينئذ فلا فرق بين الدار المسكونة والخراب . ابن غازي قوله إلا أن يطرده لها فلربها سقط لا في كثير من النسخ وهو إفساد ومخالف لما في المدونة إذ قال فيها ومن طرد صيدا حتى دخل دار قوم فإن اضطره هو أو جارحه إليها فهو له ، وإن لم يضطره وكانوا قد بعدوا عنها فهو لرب الدار ، وفي بعض نسخ هذا المختصر إلا أن لا يضطره كلفظ المدونة وهو أولى ; لأن الطرد يوهم الاختصاص بما كان مقصودا بخلاف الاضطرار بدليل نسبته فيها إلى الجارح .




الخدمات العلمية