الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وليس في المذي والودي غسل وفيهما الوضوء )

[ ص: 68 ] لقوله عليه الصلاة والسلام { كل فحل يمذي وفيه الوضوء } والودي : الغليظ من البول يتعقب الرقيق منه خروجا فيكون معتبرا به ، والمني : خاثر أبيض ينكسر منه الذكر ، والمذي : رقيق يضرب إلى البياض يخرج عند ملاعبة الرجل أهله . والتفسير مأثور عن عائشة رضي الله تعالى عنها . .

التالي السابق


( قوله وفيهما الوضوء ) أورد : لا يتصور الوضوء من الودي لأنه يتعقب البول فيكون الوضوء من الناقض السابق .

أجيب بأن المراد لو فرض خروجه ابتداء كان فيه الوضوء ، وبأنه يتصور فيما لو توضأ على إثر بوله بلا مهلة ثم مشى فتحلل ودي وخرج حتى لو كان به سلس البول فوجد ذلك منه في الوقت كان عليه الوضوء ، وبأن وجوب الوضوء بالبول لا ينافي وجوبه بالودي بل يجب بهما ، حتى لو حلف لا يتوضأ من الرعاف فبال ثم رعف ثم توضأ حنث ذكره محمد . فعلم أن كلا منهما موجب إلا أنه اكتفى بوضوء واحد ، وأنت إذا حققت أن الناقض يثبت الحدث ثم تجب إزالته عند وجوب المشروط وأن الحدث مانعية اعتبرت قائمة بالأعضاء شرعا إلى غاية استعمال المزيل ، أو وصف اعتباري شرعا يمنع إلى الغاية المذكورة ، وكل منهما أمر واحد لا تعدد إلا في أسبابه .

فالثابت بكل سبب هو الثابت بالآخر ، إذ لا دليل يوجب خلاف ذلك لم يتأخر عن الحكم بكون الوضوء في مثله عن الحدث السابق على السبب الثاني ، وأنه لم يوجب شيئا لاستحالة تحصيل الحاصل .

نعم لو وقعت الأسباب دفعة كأن رعف وبال وفسا معا أضيف ثبوته إلى كلها فلا ينفي ذلك كون كل علة مستقلة لأن معنى الاستقلال كون الوصف يحدث لو انفرد أثر وهذه الحيثية ثابتة لكل في حال الاجتماع ، كذا قرر في فصول الآمدي ، وهو معقول يجب قبوله ، وهذا قول الجرجاني من مشايخنا وإن كان قول محمد أن الوضوء منهما يقتضي أن الثاني أثر الحدث أيضا كالأول ، وعن أبي حنيفة نحوه .

والحق أن لا تنافي بين كون الحدث بالسبب الأول فقط وبين الحنث لأنه لا يلزم بناؤه على تعدد الحدث بل على العرف ، والعرف أن يقال لمن توضأ بعد بول [ ص: 68 ] ورعاف توضأ منهما . وعن الحلواني تفصيل بين كون الثاني من جنس الأول فيكون الوضوء عن الأول أو من غيره فمنهما ( قوله لقوله صلى الله عليه وسلم { كل فحل يمذي وفيه الوضوء } ) أخرجه أبو داود وأحمد من حديث عبد الله بن سعد الأنصاري ، وأخرج إسحاق والطحاوي من حديث علي نحوه ، وأصله عن علي في الصحيحين شهير وأما قوله والتفسير مأثور عن عائشة فقد تقدم ذكرنا له .

[ فرع ]

الجنب أولى بالماء المباح إذا وجده هو وحائض أو ومعه ميت وييمم الميت والحائض وكذا من المحدث




الخدمات العلمية