الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          لأنه صلى الله عليه وسلم { لما مرض تخلف عن المسجد . وقال مروا أبا بكر فليصل بالناس } " متفق عليه .

                                                                          ( و ) كذا ( خائف حدوث مرض ) لأنه في معنى المريض ( ليسا ) أي : المريض والخائف حدوث مرض ( بالمسجد ) فإن كانا به لزمتهما الجمعة والجماعة لعدم المشقة ، وكذا من منعهما لنحو حبس ( وتلزم الجمعة من لم يتضرر بإتيانها راكبا ، أو محمولا وتبرع ) له ( أحد به ) أي : بأن يركبه ، أو يحمله ( أو ) تبرع أحد ( بقود أعمى ) للجمعة .

                                                                          فتلزمه ، دون الجماعة ، لتكررها ، فتعظم المنة والمشقة ( و ) يعذر بترك جماعة وجمعة ( من يدافع أحد الأخبثين ) البول والغائط ، لأنه يمنعه من إكمال الصلاة وخشوعها ( أو ) من ( بحضرة طعام ، وهو ) أي : من حضره الطعام ( محتاج إليه ) أي : الطعام ( وله الشبع ) نصا .

                                                                          لخبر أنس في الصحيحين { ولا تعجلن حتى تفرغ منه } " وأما حديث عمر بن أمية أنه صلى الله عليه وسلم { دعي إلى الصلاة وهو يحتز من كتف شاة ، فأكل منها ، وقام يصلي } " متفق عليه ، فيحتمل أنه لا حاجة له إليه ( أو ) كان ( له ضائع يرجوه ) أن دل عليه بمكان وخاف إن لم يمض [ ص: 286 ] إليه سريعا انتقل إلى غيره ، أو قدم بضائع له من سفر ، وخاف إن لم يتلقه أخفاه .

                                                                          قال المجد : والأفضل : ترك ما يرجو وجوده ، ويصلي الجمعة والجماعة ( أو يخاف ضياع ماله ) كغلة ببيادرها ( أو ) يخاف ( فواته ) كشرود دابته ، أو إباق عبده ، أو سفر نحو غريم له ( أو ) يخاف ( ضررا فيه ) أي : ماله ، كاحتراق خبز ، أو طبيخ ، وإطلاق ماء على نحو زرعه بغيبته ( أو ) يخاف ضررا ( في معيشة يحتاجها ) بأن عاقه حضور جمعة ، أو جماعة عن فعل ما هو محتاج لأجرته ، أو ثمنه ( أو ) يخاف ضررا في ( مال استؤجر لحفظه ، ولو ) كان ما استؤجر له ( نظارة ) بكسر النون أي : حفظه ( بستان ) والناظر .

                                                                          والناظور : حافظ الكرم والنخل ( ، أو ) يخاف بحضوره جمعة ، أو جماعة : فوت ( قريبه ) نصا ( أو ) موت ( رفيقه ) في غيبته عنه ( أو كان يتولى تمريضهما ، وليس من يقوم مقامه ) في الموت ، أو التمريض لأن ابن عمر استصرخ على سعيد بن زيد وهو يتجمر للجمعة ، فأتاه بالعقيق . وترك الجمعة .

                                                                          وكذا إن خاف على ولده وأهله ( أو ) يخاف ( على نفسه من ضرر ) نحو ( لص ، أو ) يخاف على نفسه من ( سلطان ) يأخذه ( أو ) من ( ملازمة غريم ) له ( ولا شيء معه ) لأن حبس المعسر ظلم .

                                                                          وكذا إن كان الدين مؤجلا وخشي أن يطالب به قبل أجله ، فإن كان حالا ، وقدر على وفائه لم يعذر لأنه ظالم ( أو ) يخاف ( فوت رفقة بسفر مباح ) أي : غير مكروه ولا حرام ( أنشأه ) أي : السفر ( ، أو استدامه ) لما في ذلك كله من الضرر عليه ( أو غلبه نعاس يخاف به ) أي : النعاس ( فوتها ) أي : الصلاة ( في الوقت ) إذا انتظر الجماعة ( أو ) يخاف به فوتها ( مع إمام ) فيعذر فيهما .

                                                                          وقطع في المذهب والوجيز : أنه يعذر فيهما بخوفه بطلان وضوئه بانتظارهما ( أو ) يخاف ( أذى بمطر ووحل ) بفتح الحاء ، وتسكينها لغة رديئة ( وثلج وجليد وريح باردة بليلة مظلمة ) لحديث ابن عمر { كان النبي صلى الله عليه وسلم ينادي مناديه في الليلة الباردة ، أو المطيرة : صلوا في رحالكم } " رواه ابن ماجه .

                                                                          وروي في الصحيحين عن ابن عباس في يوم مطر وفي رواية لمسلم { وكان يوم جمعة } " ( أو ) يخاف أذى ( بتطويل إمام ) لما تقدم أن رجلا صلى مع معاذ ثم انفرد فصلى وحده عند تطويل معاذ ، فلم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم حين أخبره " ( أو كان عليه قود يرجو العفو [ ص: 287 ] عنه ) ولو على مال وكذا عريان لم يجد سترة ، أو لم يجد غير ما يستر عورته في غير جماعة عراة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية