الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : لا يحل لك النساء من بعد

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج الروياني والدارمي ، وابن سعد وعبد الله بن أحمد في زوائد "المسند"، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والضياء في "المختارة" عن زياد –رجل من الأنصار- قال : قلت لأبي بن كعب : أرأيت لو أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم متن، أما كان يحل له أن يتزوج؟ قال : وما يمنعه من ذلك؟ قلت : قوله : لا يحل لك النساء من بعد فقال : إنما أحل له ضربا من النساء، ووصف له صفة فقال : يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك إلى قوله : وامرأة مؤمنة ثم قال : لا يحل لك النساء من بعد هذه الصفة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، والترمذي وحسنه، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه عن ابن عباس قال : نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات، قال : لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل [ ص: 100 ] بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك فأحل له الفتيات المؤمنات، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي . وحرم كل ذات دين غير الإسلام وقال : يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك إلى قوله خالصة لك من دون المؤمنين وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود في "ناسخه"، وابن جرير عن قتادة قال : كان عكرمة يقول : لا تحل لك النساء من بعد هؤلاء اللاتي سمى الله؛ إلا بنات عمك، وبنات عماتك وبنات خالك، وبنات خالاتك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وأبو داود، وابن جرير ، عن مجاهد : (لا تحل لك النساء من بعد) . قال : نساء أهل الكتاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن سعد ، وابن المنذر عن مجاهد : (لا تحل لك النساء) من بعد ما بينت لك من هذه الأصناف؛ بنات عمك، وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي فأحل له من هذه الأصناف أن ينكح ما شاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن [ ص: 101 ] المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد : (لا تحل لك النساء من بعد) : يهوديات ولا نصرانيات لا ينبغي أن يكن أمهات المؤمنين، إلا ما ملكت يمينك قال : هي اليهوديات والنصرانيات، لا بأس أن يشتريها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله : (لا تحل لك النساء من بعد) قال : يهودية ولا نصرانية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : لا يحل لك النساء من بعد الآية . قال : نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بعد نسائه الأول شيئا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج . قال : حبسه الله عليهن كما حبسهن عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود في "ناسخه"، وابن مردويه ، والبيهقي في "سننه"، عن أنس قال : لما خيرهن فاخترن الله ورسوله قصره عليهن فقال : (لا تحل لك النساء من بعد) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد عن عكرمة قال : لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه اخترن الله ورسوله، فأنزل الله : (لا تحل لك النساء من بعد) قال : من بعد هؤلاء [ ص: 102 ] التسع اللاتي اخترنك، فقد حرم عليك تزوج غيرهن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد ، وابن أبي حاتم ، عن أم سلمة قالت : لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم، وذلك قول الله : ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وابن سعد ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، وأبو داود في "ناسخه"، والترمذي وصححه، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه ، والبيهقي من طريق عطاء عن عائشة قالت : لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم؛ لقوله : ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد عن ابن عباس ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام في قوله : (لا تحل لك النساء من بعد) قال : حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه، فلم [ ص: 103 ] يتزوج بعدهن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد عن سليمان بن يسار قال : لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم الكندية وبعث في العامريات، ووهبت له أم شريك نفسها قالت أزواجه : لئن تزوج النبي صلى الله عليه وسلم الغرائب ما له فينا من حاجة، فأنزل الله حبس النبي صلى الله عليه وسلم على أزواجه، وأحل له من بنات العم والعمة والخال والخالة ممن هاجر ما شاء، وحرم عليه ما سوى ذلك إلا ما ملكت اليمين، غير المرأة المؤمنة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وهي أم شريك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن سعد ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن أبي رزين : (لا تحل لك النساء من بعد) قال : من المشركات، إلا ما سبيت فملكته يمينك .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية