الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء أي: لا تقدروا البتة على العدل بينهن، بحيث لا يقع ميل ما إلى جانب [ ص: 163 ] في شأن من الشؤون؛ كالقسمة، والنفقة، والتعهد، والنظر، والإقبال، والممالحة، والمفاكهة، والمؤانسة، وغيرها مما لا يكاد الحصر يأتي من ورائه.

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن عبيدة أنه قال: لن تستطيعوا ذلك في الحب والجماع.

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر، عن ابن مسعود أنه قال: في الجماع.

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة، عن الحسن، وابن جرير، عن مجاهد أنهما قالا: في المحبة.

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرجا عن أبي مليكة أن الآية نزلت في عائشة - رضي الله تعالى عنها - وكان رسول - صلى الله عليه وسلم - يحبها أكثر من غيرها.

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، وأبو داود، والترمذي، وغيرهم عنها أنها قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» وعنى صلى الله تعالى عليه وسلم (بما تملك) المحبة وميل القلب الغير الاختياري.

                                                                                                                                                                                                                                      ولو حرصتم على إقامة ذلك، وبالغتم فيه فلا تميلوا كل الميل أي: لا تجوروا على المرغوب عنها كل الجور، فتمنعوها حقها من غير رضا منها، واعدلوا ما استطعتم، فإن عجزكم عن حقيقة العدل لا يمنع عن تكليفكم بما دونها من المراتب التي تستطيعونها، وانتصاب (كل) على المصدرية، فقد تقرر أنها بحسب ما تضاف إليه من مصدر أو ظرف أو غيره فتذروها أي: فتدعوا التي ملتم عنها كالمعلقة وهي كما قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - التي ليست مطلقة ولا ذات بعل، وقرأ أبي (كالمسجونة) وبذلك فسر قتادة (المعلقة) والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع حالا من الضمير المنصوب في (تذروها).

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز السمين كونه في موضع المفعول الثاني لـ(تذر) على أنه بمعنى (تصير)، وحذف نون (تذروها) إما للناصب، وهو (أن) المضمرة في جواب النهي، وإما للجازم بناء على أنه معطوف على الفعل قبله، وفي الآية ضرب من التوبيخ.

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط».

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج غير واحد، عن جابر بن زيد، أنه قال: «كانت لي امرأتان فلقد كنت أعدل بينهما حتى أعد القبل».

                                                                                                                                                                                                                                      وعن مجاهد قال: كانوا يستحبون أن يسووا بين الضرائر حتى في الطيب، يتطيب لهذه كما يتطيب لهذه.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن ابن سيرين في الذي له امرأتان يكره أن يتوضأ في بيت إحداهما دون الأخرى.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن تصلحوا ما كنتم تفسدون من أمورهن وتتقوا الميل الذي نهاكم الله تعالى عنه فيما يستقبل فإن الله كان غفورا فيغفر لكم ما مضى من الحيف رحيما فيتفضل عليكم برحمته.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية