الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والتغير المؤثر بطاهر أو نجس طعم أو لون أو ريح ) وحمل طعم وما بعده باعتبار ما اشتمل عليه صحيح أي تغير طعم إلى آخره فاندفع ما قيل إن هذا حمل غير مفيد لا يقال سلمنا إفادته ، وهو لا يتقيد بالمؤثر ؛ لأن غير المؤثر تغير طعم إلى آخره أيضا ؛ لأنا نقول ليس المراد حمل كل على حدته حتى يرد ذلك بل حمل ما أفاده مجموع المتعاطفات من انحصار المؤثر في أحدها فلا يشترط اجتماعها ولا يؤثر غيرها كحرارة أو برودة فأو مانعة خلو ، وخرج بالمؤثر بطاهر التغير اليسير به وبالمؤثر بنجس التغير بجيفة بالشط وما لو وجد فيه وصف لا يكون إلا للنجاسة فلا يحكم بنجاسته فيما يظهر ترجيحه في الثانية خلافا للبغوي ومن تبعه لاحتمال أن تغيره تروح ولا ينافيه ما لو وقع فيه نجس لم يغيره حالا بل بعد مدة فإنه يسأل أهل الخبرة ولو واحدا فيما يظهر فإن جزم بأنه منه فينجس ، وإلا فلا لتحقق الوقوع هنا لإثم ، ومما يصرح بما ذكرته ما مر في عود التغير ولا نجاسة بل ذاك أولى من هذا لتحقق النجاسة وتأثيرها أو لا لكن لما زالت ضعف تأثيرها فلم يؤثر عودها فإذا لم يؤثر عود المتحقق قبل فأولى ما لم يتحقق أصلا فإن قلت يمكن حمل كلام البغوي على ما إذا علم أن لا نجاسة ، ثم يحتمل تروحه بها قلت يمكن .

                                                                                                                              ويؤيده قولهم لو رأى في فراشه أو ثوبه منيا لا يحتمل أنه من غيره لزمه الغسل وقولهم لو رأى المتوضئ على رأس ذكره بللا يحتمل أنه من غيره لزمه الوضوء ، وقولهم شرعت المضمضة والاستنشاق ليعرف طعم الماء وريحه ، ويؤخذ مما ذكروه في المني [ ص: 103 ] وعلى رأس الذكر أنه لو وقع في ماء كثير نجس وطاهر فتغير فإن احتمل أنه من أحدهما فقط ، ومنه أن يكون النجس لو فرض وحده لغير فله حكمه وإن شك فإن ترتبا في الوقوع وتأخر التغير عنهما أسندناه إلى الثاني أخذا من مسألة الظبية وإن وقعا معا أو مرتبا ، ولم يعلم ذلك لم يؤثر ؛ لأن الأصل طهارة الماء هذا ما يظهر في طهارة المسألة ، ووقع في الخادم وغيره ما يخالفه فاحذره ولو خلطهما قبل الوقوع تنجس ؛ لأن التغير بالمتنجس كالنجس ومن .

                                                                                                                              ثم قال في المجموع إن دخان النجاسة والمتنجس حكمهما واحد أي خلافا لمن فرق لمدرك يخص هذه نعم إن خالط النجس ماء واحتجنا للفرض بأن وقع هذا المختلط فيما يوافقه فرضنا المغير النجس وحده ؛ لأن الماء ممكن يوافقه فرضنا المغير النجس وحده ؛ لأن الماء ممكن طهره أو مائعا فرضنا الكل ؛ لأن عين الجميع صارت نجسة لا يمكن طهرها كما هو ظاهر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله من انحصار المؤثر ) أي بخلاف [ ص: 103 ] غير المؤثر لا ينحصر في أحدهما لتحققه أيضا في نحو الحرارة والبرودة ( قوله من أحدهما فقط ) أي ولا يحتمل أنه من الآخر فقط ولا معه ( قوله ؛ لأن التغير بالمتنجس كالنجس ) يؤخذ منه التصوير بما إذا كان الاختلاط بنحو الطاهر فيخرج ما لو كانا جافين فيه ( قوله أو مائعا فرضنا الكل ) انظر هذه مع ما تقدم عند قوله فإن غيره فنجس عن فتوى شيخنا الشهاب الرملي .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( والتغير المؤثر ) أي حسا أو تقديرا نهاية ومغني ( قوله وحمل طعم إلخ ) أي جعله خبرا للتغير وقوله باعتبار ما اشتمل عليه أي باعتبار الحال الذي اتصف به الطعام وما بعده ، وهو التغير ولذا قال أي تغير طعم إلخ ( قوله لا يقال إلخ ) هذا اعتراض آخر حاصله أن تقييد التغير بالمؤثر أيضا ينقسم إلى هذه الأقسام كردي .

                                                                                                                              ( قوله هو ) التغير المنقسم إلى ما ذكر لا يتقيد بالمؤثر أي لا يختص بالمؤثر ( قوله ليس المراد حمل كل إلخ ) أي بأن يلاحظ الربط بعد العطف ( قوله من انحصار إلخ ) فالتقدير والتغير المؤثر منحصر في هذه الثلاثة كردي أي بخلاف غير المؤثر لا ينحصر في أحدها لتحققه أيضا في نحو الحرارة والبرودة سم ( قوله وخرج ) إلى قوله وبالمؤثر في النهاية وإلى قوله وما لو وجد في المغني ( قوله بجيفة بالشط ) أي قرب الماء مغني ( قوله وما لو وجد إلخ ) أي والتغير الذي لو وجد فيه وصف من الأوصاف الثلاثة بلا عين ، وقوله لا يكون إلا للنجاسة أي كطعم خمر وريح عذرة ولون دم قال الكردي ، ويظهر أن ما واقعة على الماء على حذف مضاف والمعنى ، وتغير ما لو وجد فيه إلخ ( قوله فلا يحكم بنجاسته ) أي بمجرد التغير ، وقوله في الثانية أي فيما لو وجد إلخ كردي .

                                                                                                                              ( قوله لاحتمال إلخ ) علة للترجيح في الثانية ( قوله ولا ينافيه ) أي ترجيح عدم النجاسة في الثانية ( قوله ما لو وقع فيه ) أي الماء الكثير ( قوله وإلا ) أي بأن جزم بأنه ليس منه أو تردد فيه ( قوله لتحقق الوقوع إلخ ) علة لعدم المنافاة ( قوله هنا ) أي فيما لو وقع فيه نجس إلخ ( لأثم ) أي فيما لو وجد فيه وصف إلخ ( قوله بما ذكرته ) أي بعدم الحكم بالنجاسة في الثانية ( قوله بل ذاك أولى ) أي بالحكم بالنجاسة وقوله لتحقق إلخ علة للأولوية فيما مر ( قوله لما زالت ) أي النجاسة ذاتا وأثرا وهو التغير ( قوله فلم يؤثر عودها ) أي النجاسة أي سببها وهو التغير على الاستخدام أو على حذف المضاف ( قوله أن لا نجاسة ثم ) أي في قرب ما وجد فيه وصف إلخ ( قوله ليعرف طعم الماء وريحه ) أي [ ص: 103 ] ويعرف بهما النجاسة ؛ لأنها قد تعرف بهما أحيانا ( قوله وعلى رأس الذكر ) أي وفي البلل على رأس الذكر ( قوله من أحدهما فقط ) أي ولا يحتمل أنه من الآخر فقط ولا معه سم أي بأن يناسب التغير بوصف ذلك الأحد فقط ( قوله ومنه ) أي من احتمال كون التغير من أحدهما فقط بعينه ( قوله لو فرض وحده لغير ) أي بأن وقعا معا كردي أي وتوافقا في الصفة ( قوله من مسألة الظبية ) أي الآتية قبيل قول المصنف ، وتغير ظنه لم يعمل بالثاني ( قوله حكمه ) أي فلذلك الماء حكم ذلك الأحد من الطهارة أو النجاسة ( قوله هذا ) أي التفصيل المذكور وقوله في هذه المسألة أي فيما لو وقع في ماء كثير إلخ ( قوله ولو خلطهما قبل الوقوع ) أي خلط الطاهر بالنجس قبل وقوعهما في الماء تنجس أي الماء الكثير المتغير بوقوعهما بعد الاختلاط ( قوله : لأن التغير بالتنجس إلخ ) يؤخذ منه التصوير بما إذا كان الاختلاط ينجس الطاهر فيخرج ما لو كانا جافين فليتأمل فيه سم .

                                                                                                                              ( قوله كالنجس ) أي كالتغير بالنجس أي كما تقدم ( قوله فيما يوافقه ) أي في الماء الكثير الذي يوافقه بخلاف المائع مطلقا والماء القليل فإن كلا يتنجس بمجرد وقوع المختلط بالنجس فيه ، وإن لم يتغير كما مر ( قوله أو مائعا فرضنا الكل ) انظر هذه مع ما تقدم عند قول المصنف فإن غيره فنجس عن فتوى شيخنا الشهاب الرملي سم أي من أنه يفرض في الاختلاط بالمائع أيضا النجس وحده ؛ لأن المائع ليس نجسا حتى يقدر مخالفا .




                                                                                                                              الخدمات العلمية