الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإن تلفت ) أو ضلت أو سرقت أو تعيبت بعيب يمنع الإجزاء ( قبله ) أي وقت الأضحية بغير تفريط أو فيه قبل تمكنه من ذبحها وبغير تفريط أيضا ( فلا شيء عليه ) فلا يلزمه بدلها لزوال ملكه عنها بالالتزام فهي كوديعة عنده وإنما لم يزل الملك في علي أن أعتق هذا إلا بالعتق وإن لم يجز [ ص: 357 ] نحو بيعه قبله لأنه لا يمكن أن يملك نفسه وبالعتق لا ينتقل الملك فيه لأحد بل يزول عن اختصاص الآدمي به ومن ثم لو أتلفه الناذر لم يضمنه ومالكو الأضحية بعد ذبحها باقون ومن ثم لو أتلفها ضمنها ولو ضلت بلا تقصير لم يلزمه طلبها إلا إن لم يكن له مؤنة أي لها كبير وقع عرفا فيما يظهر وتأخيره الذبح بعد دخول وقته بلا عذر فتلفت تقصير فيضمنها أو فضلت غير تقصير كذا في الروضة واستشكل بأن الضلال كالتلف كما يأتي وقد يفرق بأن الضلال أخف لبقاء العين معه فلا يتحقق التقصير فيه إلا بمضي الوقت بخلاف التلف ولو اشترى شاة وجعلها أضحية ثم وجد بها عيبا قديما امتنع ردها وتعين الأرش لزوال ملكه عنها كما مر وهو للمضحي ولو زال عيبها لم تصر أضحية ؛ لأن السلامة إنما وجدت بعد زوال ملكه عنها فهو كما لو أعتق أعمى عن كفارته فأبصر بخلاف ما لو كمل من التزم عتقه قبل إعتاقه فإنه يجزئ عتقه عن الكفارة

                                                                                                                              ولو عيب معينة ابتداء صرفها مصرفها وضحى بسليمة أو تعيبت فضحية ولا شيء عليه ولو عين سليما عن نذره ثم عيبه أو تعيب أو تلف أو قول المحشي وله تملكه . ا هـ . الذي في نسخ الشرح وله اقتناء . ا هـ . [ ص: 358 ] ضل أبدله بسليم وله اقتناء تلك المعيبة والضالة لانفكاكها عن الاختصاص وعودها لملكه من غير إنشاء تملك خلافا لما يوهمه كلام جمع

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ومن ثم لو أتلفها ضمنها إلخ ) قال في الروض وشرحه بخلاف العبد المنذور عتقه إذا أتلفه أجنبي فإنه أي الناذر بأخذ قيمته لنفسه ولا يلزمه أن يشتري بها عبدا يعتقه لما مر أن ملكه لم يزل عنه ومستحق العتق هو العبد وقد هلك ومستحقو الأضحية باقون ا هـ . ( قوله : فلا يتحقق التقصير فيه إلا بمضي الوقت إلخ ) قضيته أنه يضمن إذا مضى الوقت ثم رأيت قوله الآتي وبه يجمع إلخ وهو يفيد ذلك مع زيادة قيد اليأس . ( قوله : وله تملكه إلخ ) يتأمل [ ص: 358 ] مع قوله لانفكاكها إلخ إلا أن يريد بتملكها تصرفه فيها تصرف المالك . ( قوله : وعودها لملكه من غير إنشاء تملك خلافا لما يوهمه كلام جمع ) م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن فإن تلفت ) أي الأضحية المنذورة المعينة ا هـ . مغني ( قوله : أو فيه ) أي وقت الأضحية ( قول المتن فلا شيء عليه ) بقي ما لو أشرفت على التلف قبل الوقت وتمكن من ذبحها فهل يجب ويصرف لحمها مصرف الأضحية أو لا فيه نظر وقد يؤخذ مما يأتي من أنه لو تعدى بذبح المعينة قبل وقتها وجب التصدق بلحمها أنه يجب عليه ذبحها فيما ذكر ، والتصدق بلحمها ولا يضمن بدلها لعدم تقصيره وعليه فلو تمكن من ذبحها ولم يذبحها فينبغي ضمانه لها ا هـ . ع ش وقد يدعي دخوله في قول الشارح الآتي أو قصر حتى تلفت .

                                                                                                                              ( قوله : فهي كوديعة عنده ) فلا يجوز له بيعها فإن تعدى وباعها استردها إن كانت باقية وإن تلفت في يد المشتري استرد أكثر قيمها من وقت القبض إلى وقت التلف كالغاصب ، والبائع طريق في الضمان ، والقرار على المشتري ويشتري البائع بتلك القيمة مثل التالفة جنسا ونوعا وسنا فإن نقصت القيمة عن تحصيل مثلها وفي القيمة من ماله فإن اشترى المثل بالقيمة أو في ذمته مع نيته عند الشراء أنه أضحية صار المثل أضحية بنفس الشراء وإن اشترى في الذمة ولم ينو أنه أضحية فيجعله أضحية ولا يجوز إجارتها أيضا لأنها بيع للمنافع فإن أجرها وسلمها للمستأجر وتلفت عنده بركوب أو غيره ضمنها المؤجر بقيمتها وعلى المستأجر أجرة المثل نعم إن علم الحال فالقياس أن يضمن كل منهما الأجرة ، والقيمة ، والقرار على المستأجر ذكره الإسنوي وتصرف الأجرة مصرف الأضحية كالقيمة فيفعل بها ما يفعل بها وتقدم بيانه وأما إعارتها فجائزة لأنها إرفاق كما يجوز له الارتفاق بها للحاجة برفق فإن تلفت في يد المستعير لم يضمن ولو كان التلف بغير الاستعمال في الموضع المشار إليه لأن يد معيره يد أمانة فكذا هو كما ذكره الرافعي وغيره في المستعير من المستأجر ومن الموصى له بالمنفعة قال ابن العماد وصورة المسألة أن تتلف قبل وقت الذبح فإن دخل وقته وتمكن من ذبحها وتلفت ضمن لتقصيره أي كما يضمن معيره لذلك مغني وروض مع شرحه ( قوله : هذا ) أي العبد ( قوله بالعتق ) .

                                                                                                                              [ ص: 357 ] عبارة النهاية بالإعتاق ( قوله : نحو بيعه ) أي كهبته وإبداله أسنى ( قوله : ومن ثم ) أي من أجل عدم انتقال الملك في منذور العتق لأحد من الخلق . ( قوله : لو أتلفه ) أي قبل الإعتاق ( قوله : ومالكو الأضحية إلخ ) الأولى نصبه عطفا على اسم إن في قوله لأنه إلخ أو تصديره بأما كما في النهاية عبارته وأما الأضحية بعد ذبحها فملاكها إلخ . ( قوله : بلا تقصير إلخ ) وإن قصر حتى ضلت لزمه طلبها ولو بمؤنة مغني وروض

                                                                                                                              ( قوله : لم يلزمه طلبها إلخ ) فإن وجدها بعد فوات الوقت ذبحها في الحال قضاء وصرفها مصرف الأضحية مغني وروض مع شرحه ( قوله : وتأخيره الذبح إلخ ) . هو مفهوم قوله فيما مر قبل تمكنه من ذبحها ا هـ . رشيدي ( قوله : أو فضلت غير تقصير ) خلافا للنهاية ، والمغني ، والأسنى عبارة الأول ويضمنها بتأخير ذبحها بلا عذر بعد دخول وقته ا هـ . ( قوله كذا في الروضة ) راجع إلى المعطوف فقط ( قوله : واستشكل إلخ ) اعتمده النهاية ، والأسنى ، والمغني عبارة الأخيرين قالا ومن التقصير تأخير الذبح إلى آخر أيام التشريق بلا عذر وخروج بعضها ليس بتقصير كمن مات في أثناء وقت الصلاة الوسع لا يأثم قال الإسنوي وهذا ذهول عما ذكره كالرافعي فيها قيل من أنه إن تمكن من الذبح ولم يذبح حتى تلفت أو تعبت فإنه يضمنها وذكر البلقيني نحوه

                                                                                                                              وقال ما رجحه النووي ليس بمعتمد ويفرق بينه وبين عدم إثم من مات وقت الصلاة بأن الصلاة محض حق الله تعالى بخلاف الأضحية انتهت أو زاد المغني وما فرق به بين الضلال وبين ما تقدم بأنها في الضلال باقية بحالها بخلافها فيما مضى لا يجدي فالأوجه التسوية بين الضلال وبين ما تقدم ا هـ . ( قوله : كما يأتي ) أي في شرح فإن أتلفها ( قوله : إلا بمضي الوقت إلخ ) قضيته أنه يضمن إذا مضى الوقت ثم رأيت قوله الآتي وبه يجمع إلخ وهو يفيد ذلك مع زيادة قيد اليأس ا هـ . سم عبارة الروض مع شرحه وإن قصر حتى ضلت طلبها وجوبا ولو بمؤنة وذبح بدلها وجوبا قبل خروج الوقت إن علم أنه لا يجدها لا بعده ثم إذا وجدها يذبحها وجوبا أيضا لأنها الأصل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وجعلها أضحية ) أي بالنذر ا هـ . ع ش أي ولو حكما كهذه أضحية ( قوله : وتعين الأرش ) أي ووجب ذبحها ا هـ . ع ش ( قوله : كما مر ) أي في شرح ومن نذر معينة ( قوله : وهو ) أي الأرش ا هـ . ع ش ( قوله : ولو زال عيبها إلخ ) لعل المراد مطلق الأضحية لا خصوص الشاة المشتراة المذكورة فليراجع ا هـ . رشيدي عبارة الروض مع شرحه ولو قال جعلت هذه ضحية وهي عوراء أو نحوها أو فصيل أو سخلة لا ظبية ونحوها لزمه ذبحها وقت الأضحية وكذا لو التزم بالنذر عوراء أو نحوها ولو في الذمة يلزمه ذبحها وقت الأضحية ويثاب عليها ولا تجزئ عن المشروع من الضحية ولو زال النقص عنها لأنه أزال ملكه عنها وهي ناقصة فلا يؤثر الكمال بعده كمن أعتق أعمى عن كفارته فعاد بصره ا هـ بحذف

                                                                                                                              ( قوله : لم تصر أضحية ) أي لا تقع أضحية بل هي باقية على كونها مشبهة للأضحية فيجب ذبحها وليست أضحية فلا يسقط عنه طلب الأضحية المندوبة ولا الواجبة إن كان التزامها بنذر في ذمته ا هـ ع ش ( قوله : فأبصر إلخ ) أي فإنه لا يجزئ عن الكفارة وينفذ عتقه ا هـ . ع ش ( قوله : ولو عيب ) إلى قوله وقضية كلامهم في المغني ( قوله : ولو عيب معينة ) عبارة النهاية وعيب معينة ابتداء صرفها مصرفها وأردفها بسليمة ا هـ . وقوله عين معيبة لعله محرف من عيب معينة وإلا فهو مكرر مع ما قدمه في شرح ومن نذر معينة ومناف لقوله بعد وأردفها بسليمة

                                                                                                                              ( قوله : صرفها إلخ ) أي وجوبا ا هـ . ع ش ( قوله : وضحى بسليمة ) أي وجوبا أسنى ومغني ( قوله : أو تعيبت فضحية إلخ ) عبارة المغني ، والروض مع شرحه النوع الثاني حكم التعيب فإذا حدث في المنذورة المعينة ابتداء عيب يمنع ابتداء التضحية لم يكن بتقصير من الناذر فإن كان قبل التمكن من .

                                                                                                                              [ ص: 358 ] ذبحها أجزأ ذبحها في وقتها ولا يلزمه شيء بسبب التعيب فإن ذبحها قبل الوقت تصدق باللحم ولا يأكل منه شيئا لأنه فوت ما التزمه بتقصيره وتصدق بقيمتها دراهم أيضا ولا يلزمه أن يشتري بها أضحية أخرى لأن مثل المعيبة لا يجزئ أضحية وإن كان التعيب بعد التمكن من ذبحها لم تجزه لتقصيره بتأخير ذبحها ويجب عليه أن يذبحها ويتصدق بلحمها لأنه التزم ذلك إلى هذه الجهة ولا يأكل منه شيئا لما مر وأن يذبح بدلها سليمة ولو ذبح المنذورة في وقتها ولم يفرق لحمها حتى فسد لزمه شراء اللحم بدله بناء على أنه مثلي وهو الأصح ولا يلزمه شراء أخرى لحصول إراقة الدم ولكن له ذلك وقيل يلزمه قيمته وجرى عليه ابن المقري تبعا لأصله بناء على أنه متقدم وأما المعينة عما في الذمة فلو حدث بها عيب ولو حالة الذبح بطل تعيينها وله التصرف فيها ويبقى عليه الأصل في ذمته ا هـ . ( قوله : أبدله ) أي وجوبا ع ش ومغني وأسنى ( قوله : لانفكاكها عن الاختصاص إلخ ) ولا يتوقف انفكاكها عن الاختصاص على إبدالها بسليم فقبل الإبدال يجوز أن يتصرف فيها ببيع وغيره كما يصرح بذلك ما مر آنفا عن المغني ، والأسنى خلافا لما فيع ش من التوقف أخذا من ذكر الانفكاك بعد الإبدال .




                                                                                                                              الخدمات العلمية