الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو تحول حمامه ) من برجه إلى صحراء ، واختلط بمباح محصور حرم الاصطياد منه ، ومر بيانه في النكاح أو بمباح دخل برجه ، ولم يملكه لكبر البرج صار أحق به ، ولو شك في إباحته فالورع تركه ، أو ( إلى برج غيره ) الذي له فيه حمام فوضع يده عليه بأن أخذه ( لزمه رده ) إن تميز لبقاء ملكه ، أما إذا لم يأخذه فهو أمانة شرعية يلزمه الإعلام بها فورا ، والتخلية بينها ، وبين مالكها ، فإن حصل بينهما فرخ ، أو بيض فهو لمالك الأنثى ( فإن اختلط ) حمام أحد البرجين بالآخر ، أو حمام كل منهما بالآخر ، وتعيين البلقيني [ ص: 339 ] لهذا التصوير ، وأن المتن فيه نقص عجيب ، ومن ثم رده عليه تلميذه أبو زرعة ، وغيره ( وعسر التمييز لم يصح بيع أحدهما ، وهبته ) ، ونحوهما من سائر التمليكات ( شيئا منه ) ، أو كله ( لثالث ) لعدم تحقق ملكه لذلك الشيء بخصوصه ، وما تقرر من أنه إذا باع الكل لا يصح في شيء منه هو ما رجحه في المطلب ( ويجوز ) لأحدهما أن يملك ما له ( لصاحبه في الأصح ) ، وإن جهل كل عين ملكه للضرورة ( فإن باعاهما ) أي : المالكان المختلط لثالث ، وكل لا يدري عين ماله ( والعدد معلوم لهما ) كمائة ، ومائتين ( والقيمة سواء صح ) البيع ، ووزع الثمن على أعدادهما ، وتحتمل الجهالة في المبيع للضرورة ، وكذا يصح لو باعا له بعضه المعين بالجزئية ( وإلا ) بأن جهلا ، أو أحدهما العدد ، أو تفاوتت القيمة ( فلا ) يصح ؛ لأن كلا يجهل ما يستحقه من الثمن ، وزعم الإسنوي توزيع الثمن على أعدادهما مع جهل القيمة مردود بأنه متعذر حينئذ نعم إن قال كل : بعتك الحمام الذي لي في هذا بكذا صح لعلم الثمن ، وتحتمل جهالة المبيع للضرورة [ ص: 340 ] وقوله : لي لا بد منه ، وإن حذف من الروضة ، وغيرها ، ولو وكل أحدهما صاحبه فباع للثالث كذلك ، فإن بين ثمن نفسه ، وثمن موكله كما هو ظاهر صح أيضا لما ذكر ، وما ، أو همه كلام شارح من أنه لا يحتاج هنا لبيان الثمن ، بل يقتسمانه بعيد للجهل بالثمن حينئذ ؛ لأن الفرض جهل العدد ، أو القيمة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : أو بمباح دخل برجه ) عطف على مباح محصور ، وحينئذ يشكل ؛ لأنه حينئذ في حيز ، ولو تحول حمامه مع أنه ينافيه فتأمله . ( قوله : فالورع ) قضية التعبير بالورع عدم الحرمة ( قوله : أيضا فالورع تركه ) [ ص: 339 ] فيجوز التصرف فيه ؛ لأن الأصل الإباحة م ر ( قوله : لعدم تحقق ملكه لذلك الشيء بخصوصه ) لا يظهر في صورة الملك

                                                                                                                              ( قوله : هو ما رجحه في المطلب ) فإن قلت : قد يشكل ؛ لأنه من قبيل بيع ملكه ، وملك غيره بغير إذنه ، وهو صحيح في ملكه كما تقدم في تفريق الصفقة قلت لعله يجيب بأن محل ذلك إذا علم عين ماله ، وهو هنا جاهل به ( قوله : في المبيع ) أي : حصة كل منهما ، وإلا فمجموع المبيع لا جهل فيه ، ولم يقل ، وفي الثمن بالنسبة لكل كأنه لانتفاء الجهل فيه ؛ لأنه إذا كان العدد معلوما ، والقيمة سواء كان ما لكل منهما من الثمن معلوما له ( قوله : المعين بالجزئية ) أي : كنصفه ، وقضيته عدم صحة بيعهما بعضه المعين بالمشاهدة ، وكأن وجهه عدم تحقق كونه ملكهما لاحتمال أنه ملك أحدهما

                                                                                                                              ( قوله : نعم إن قال كل بعتك الحمام إلخ . ) ظاهره أنه لا بد من قول كل ما ذكر فلا يصح قول أحدهما فقط ، وإلا نافى قوله السابق لم يصح بيع أحدهما إلخ . ، ويجاب بمنع المنافاة ؛ لأن قوله السابق المذكور بصور بما إذا كان باعه شيئا معينا بالشخص لا بالجزئية كما صور بذلك البلقيني ، ويصرح به تعليل [ ص: 340 ] ما سبق بقوله لعدم تحقق ملكه لذلك الشيء بخصوصه بخلاف ما هنا فإنه غير مصور بذلك فلا مانع من صحة البيع كما صرح به البلقيني أيضا فإنه قال في قول المصنف شيئا منه محله إذا باع ، أو ، وهب شيئا معينا بالشخص ثم لم يظهر أنه ملكه بعد ذلك ، أما لو تبين أنه ملكه فيصح ، وكذا لو لم يتبين ، ولكن باع معينا بالجزئية كنصف ما يملكه ، أو قال : بعتك جميع ما أملكه منه بكذا فيصح ؛ لأنه يتحقق الملك فيما باعه

                                                                                                                              ويحل المشتري محل البائع كما لو باع من ثالث مع جهل الأعداد بثمن معين أي : لكل واحد ، ويغتفر الجهل بقدر المبيع للضرورة قال العراقي الفرق بينهما أن في المقيس عليه جملة المبيع للمشتري معلومة ، وما يلزمه لكل منهما من الثمن معلوم ، وإن لم يعلم قدر ما اشتراه من كل منهما فاغتفر الجهل بذلك للضرورة مع أنه لا يترتب على الجهل به مفسدة فلا يلزم من اغتفار الجهل به اغتفار الجهل بجملة ما اشتراه ا هـ . قال شيخنا الشهاب البرلسي أقول : وقول العراقي أن جملة المبيع معلومة للمشتري في المقيس عليه فيه شيء

                                                                                                                              وذلك أن مراده أن جملة ما اشتراه من الاثنين معلومة فلشيخه أن يقول : سلمنا ذلك ، ولكنه غير نافع في دفع جهل المبيع الذي ، وقع عليه العقد من كل منهما ، وتعددت الصفقة بذلك ألا ترى أن بيع عبيد جمع بثمن لا يصح ، وإن كانت جملة المبيع معلومة ، وجملة الثمن معلومة ؛ إذ هذا الاختلاط لما كان محل ضرورة اغتفر فيه الجهل بقدر المبيع إذا كان على الوجه المذكور . ا هـ . ( قوله : وما أوهمه كلام شارح إلخ . ) هذا الذي أوهمه كلام الشارح المذكور عبارتهم مصرحة به ، وعبارة الروض ما نصه ، ولو جهل العدد أي : أو لم تستو القيمة كما بينه في شرحه فالحيلة أن يبيع كل نصيبه بكذا ، أو يوكل أحدهما الآخر في البيع بثمن ، ويقتسماه ، أو يصطلحا فيه أي : في المختلط على شيء أي : ثم يبيعاه لثالث ، واحتملت الجهالة أي : في عين المبيع وقدره للضرورة . ا هـ . فانظر قوله في صورة التوكيل بثمن ، ويقتسماه فإنه ناص على ما أوهمه كلام ذلك الشارح إذ لا يحتمل أنه بين ثمن نفسه وثمن موكله وإلا فلا معنى مع ذلك لقوله ويقتسماه فهذا الإيهام هو عين المنقول فتأمله ، وقد يمنع أنه لا معنى مع ذلك لما ذكر لاحتمال أن المراد أنهما يقتسمان الجملة المقبوضة على حسب التفصيل الذي بينه في العقد ، ولا يخفى بعده



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : واختلط بمباح إلخ ) عبارة المغني ، والروض مع شرحه ، والنهاية ، ولو اختلط حمام مملوك أي : محصورا ، أو لا بحمام مباح غير محصور ، أو انصب ماء مملوك في نهر لم يحرم على أحد الاصطياد ، والاستيفاء من ذلك استصحابا لما كان ، وإن لم يزل ملك المالك بذلك ؛ لأن حكم ما لا ينحصر لا يتغير باختلاطه بما ينحصر ، أو بغيره كما لو اختلطت محرمه بنساء غير محصورات يجوز له التزوج منهن ، ولو كان المباح محصورا حرم ذلك كما يحرم التزوج في نظيره ا هـ . ( قوله : حرم الاصطياد ) ولا يخفى أن للمالك أن يأخذ منه ما شاء ، ولو بلا اجتهاد ؛ لأنه مهما وضع يده عليه صار ملكه ؛ لأنه إن كان مملوكا له فلا كلام ، أو مباحا ملكه بوضع يده عليه ا هـ . سم

                                                                                                                              ( قوله : ومر بيانه ) أي : المحصور في النكاح أي : في باب ما يحرم من النكاح ( قوله : أو بمباح دخل إلخ ) عطف على مباح محصور ، وحينئذ يشكل ؛ لأنه في حيز ، ولو تحول حمامه مع أنه ينافيه فتأمله ا هـ . سم أي : إلا أن يتكلف بأن المعنى دخل المباح مع حمامه بعد الاختلاط ببرجه ، ولو قال : أو اختلط حمامه بمباح إلخ لسلم عن الإشكال ( قوله : ولو شك إلخ ) عبارة المغني ، ولو شك في كون المخلوط لحمامه مملوكا لغيره ، أو مباحا فله التصرف فيه ؛ لأن الظاهر أنه مباح ا هـ . زاد النهاية ، ولو ادعى إنسان تحول حمامه إلى برج غيره لم يصدق ، والورع تصديقه ما لم يعلم كذبه ا هـ . ( قوله : فالورع تركه ) ويجوز له التصرف فيه ؛ لأن الأصل الإباحة م ر ا هـ . سم ( قوله : إن تميز ) إلى قول المتن ، فإن اختلط في النهاية إلا قوله : أما إذا لم يأخذه

                                                                                                                              ( قوله : إن تميز ) ، ويأتي في المتن مفهومه ( قوله : فهو أمانة شرعية إلخ ) عبارة النهاية ، والمغني ، ومراده بالرد إعلام مالكه به ، وتمكينه من أخذه كسائر الأمانات الشرعية لا رده حقيقة ، فإن لم يرده ضمنه ا هـ . ( قوله : فهو لمالك الأنثى ) هذا إنما يظهر أثره فيما إذا كان أحدهما يملك الإناث فقط ، والآخر [ ص: 339 ] الذكور أما إذا كان كل منهما يملك من كل منهما فلا فقد لا يتميز بيض ، أو فرخ إناث أحدهما عن بيض ، أو فرخ إناث الآخر ا هـ . رشيدي عبارة ع ش فلو تنازعا فيه فقال صاحب البرج هو بيض إناثي ، وقال : من تحول الحمام من برجه هو بيض إناثي صدق ذو اليد ، وهو صاحب البرج المتحول إليه ، وإن مضت مدة بعد الاختلاط تقضى العادة في مثلها ببيض الحمام المتحول لاحتمال أنه لم يبض ، أو باض في غير هذا المحل ا هـ . ( قوله : لهذا التصوير ) أي : الثاني ( قوله : عجيب ) خبر ، وتعيين البلقيني إلخ

                                                                                                                              ( قوله : ونحوهما ) إلى قوله : فإن بين في المغني إلا قوله : وزعم إلى نعم ، وقوله : لي ، وقوله : وقوله : لي إلى ، ولو وكل .

                                                                                                                              ( قوله : لعدم تحقق ملكه إلخ ) لا يظهر في صورة الكل ا هـ . سم أي : كما أشار إليه الشارح بقوله : لذلك الشيء إلخ ( قوله : وما تقرر إلخ ) عبارة المغني ، وعلم من كلامه امتناع بيع الجميع من باب أولى ، وصرح به في البسيط ا هـ . ( قوله : هو ما رجحه في المطلب ) ولا يشكل بما مر في تفريق الصفقة من الصحة في نصيبه ؛ لأن محل ذاك فيما إذا علم عين ماله رشيدي ، وسم ( قوله : أن يملك إلخ ) أي : ببيع ، أو هبة ، أو غيرهما من سائر التمليكات ( قوله : للضرورة ) وقد تدعو الحاجة إلى التسامح باختلال بعض الشروط ، ولهذا صححوا القراض ، والجعالة مع ما فيهما من الجهالة مغني ، ونهاية ( قوله : أي : المالكان ) إلى قوله : وقوله : لي في النهاية إلا قوله : وزعم إلى نعم ( قوله : المختلط ) بالإفراد نظرا إلى المعنى ، وإلا فحق التعبير الحمامين المختلطين كما في النهاية ، والمغني ( قوله : وكل لا يدري إلخ ) الواو للحال ا هـ . ع ش ( قوله : ووزع الثمن على أعدادهما ) أي : فالثمن بينهما أثلاثا في المثال المتقدم ا هـ . نهاية ( قوله : في المبيع ) أي : حصة كل منهما ، وإلا فمجموع المبيع لا جهل فيه ا هـ . سم ( قوله : له ) أي : للثالث ( قوله : بالجزئية ) أي : كنصفه ، وقضيته عدم صحة بيعهما بعضه المعين بالمشاهدة ، وكأن وجهه عدم تحقق كونه ملكهما لاحتمال أنه ملك أحدهما ا هـ . سم ( قوله : بأنه متعذر ) أي : التوزيع حينئذ أي : عند جهل القيمة .

                                                                                                                              ( قوله : نعم إلخ ) عبارة المغني ، والروض فالحيلة في صحة بيعهما لثالث أن يبيع كل منهما نصيبه بكذا ، فيكون الثمن معلوما ، أو يوكل أحدهما الآخر في بيع نصيبه ، فيبيع الجميع بثمن ، ويقتسماه ، أو يصطلحا في المختلط على شيء بأن يتراضيا على أن يأخذ كل منهما منه شيئا ، ثم يبيعانه لثالث ، فيصح البيع ا هـ . وقال شرح الروض ما نصه : وقضية كلامه كأصله أن الثالثة طريق للبيع من ثالث مع الجهل ، وليس كذلك ، بل هو طريق للبيع مطلقا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إن قال كل بعتك الحمام إلخ ) ظاهره أنه لا بد من قول كل ما ذكر فلا يصح قول أحدهما فقط ، وإلا نافى قوله : السابق لم يصح بيع أحدهما إلخ ، ويجاب بمنع المنافاة ؛ لأن قوله : السابق المذكور يصور بما إذا باعه شيئا معينا بالشخص لا بالجزئية كما صور بذلك البلقيني ، ويصرح به تعليل ما سبق بقوله : لعدم تحقق ملكه لذلك الشيء بخصوصه بخلاف ما هنا ، فإنه غير مصور بذلك فلا مانع من صحة البيع كما صرح به البلقيني أيضا ، فإنه قال في قول المصنف شيئا منه محله إذا وهب ، أو باع شيئا معينا بالشخص ثم لم يظهر أنه ملكه بعد ذلك أما لو تبين أنه ملكه يصح ، وكذا لو لم يتبين ، ولكن باع معينا بالجزئية كنصف ما يملكه ، أو قال : بعتك جميع ما أملكه بكذا ، فيصح ؛ لأنه يتحقق الملك فيما باعه ، ويحل المشتري محل البائع كما لو باعا من ثالث مع جهل الأعداد بثمن معين أي : لكل واحد [ ص: 340 ] ويغتفر الجهل بقدر المبيع للضرورة ا هـ . سم ، ثم ساق عن شيخه البرلسي ما يؤيده ، ويوجهه . ( قوله : وقوله : لي لا بد منه ) خلافا لظاهر النهاية ، والمغني ( قوله : فإن بين إلخ ) جواب لو

                                                                                                                              ( قوله : من أنه لا يحتاج هنا إلخ ) هذا قضية ما قدمنا آنفا عن المغني ، والروض عبارة سم قوله : وما ، أوهمه كلام شارح إلخ هذا الذي أوهمه كلام الشارح المذكور عبارتهم مصرحة به ثم قال بعد أن ساق ما قدمناه عن الروض ما نصه فانظر قوله : في صورة التوكيل بثمن ، ويقتسماه ، فإنه ناص على ما أوهمه كلام ذلك الشرح ؛ إذ لا يحتمل أنه بين ثمن نفسه ، وثمن موكله ، وإلا فلا معنى مع ذلك لقوله : ويقتسماه فهذا الإبهام عين المنقول فتأمله ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية