الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وإن رئيت على فيه وقت استعماله عمل عليها )

                                                                                                                            ش قال ابن مرزوق : قوله رئيت مبني من رأى مقلوب راء بجعل اللام مكان العين وبالعكس وهي لغة وأكثرهم ينطق به هكذا والمبني من رأى يقال فيه رئي انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) : والقلب في رأى كثير مستعمل كما قاله في التسهيل والمعنى أن شارب الخمر والحيوان الذي لا يتوقى استعمال النجاسات إذا رئيت النجاسة على فيه وقت استعماله للماء أو للطعام عمل عليها فإن غيرت الماء ضرت باتفاق وإن لم تغيره فيكره استعماله مع وجود غيره لأن الكلام في الماء القليل وأما الطعام فإنه يطرح كله إن كان مائعا وإن كان جامدا طرح منه ما أمكن السريان فيه وقول الشارح وكذلك الطعام عطفا على الماء يقتضي مساواة الطعام للماء وليس كذلك ولو قال المصنف : وإن تيقنت على فيه لكان أحسن لأن النجاسة قد تتيقن وإن لم تر ولهذا قال ابن شاس : فإن قطع بنجاسة أفواهها وقال فيما يعسر الاحتراز منه : إلا أن تعلم نجاسة فيه عند الشرب وليدخل في كلامه ما يأتي التنبيه عليه في كلام ابن الإمام هذا إن جعلنا رأى بصرية وإن جعلت علمية فلا إشكال والضمير في قوله فيه راجع إلى المذكور من قوله سؤر شارب خمر إلى آخره وتيقن نجاسة يده كذلك فيعمل على ذلك كما تقدم وقوله وقت استعماله ظاهره إن المعتبر في الرؤية وقت استعمال الماء فقط وهو ظاهر كلام ابن عبد السلام فإنه قال لم يقيد ابن الحاجب زمن الرؤية وعادة الفقهاء تقييده فيقولون إن رئيت في أفواهها وقت شربها نجاسة وهذا التقييد لا بد منه قال ابن الإمام في شرح ابن الحاجب : مقتضى كلامه الاكتفاء بعدم رؤية النجاسة حال التناول وليس بظاهر لأنها لو لم تر حال تناوله بعد أن رئي مستعملا لها دون غيبة يمكن ذهاب أثرها من فيه لكان كما لو رئيت لتيقن النجاسة بفمه وليس عدم رؤيتها مما ينافي ذلك ولابن العربي ما يقتضي هذا ثم قال ولا بد من غيبة لا يبقى معها ظن بقاء أثر النجاسة بفيها انتهى . وهو ظاهر ولا منافاة بينه وبين كلام ابن عبد السلام إذا كانت الرؤية علمية وهو ظاهر لما تقدم فليتأمل .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية