الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال ( ووقت المغرب من حين تغرب الشمس إلى أن يغيب الشفق عندنا ) وقال الشافعي رحمه الله تعالى : ليس للمغرب إلا وقت واحد مقدر بفعله فإذا مضى بعد غروب الشمس مقدار ما يصلى فيه ثلاث ركعات خرج وقت المغرب لحديث إمامة جبريل عليه السلام { فإنه صلى المغرب في اليومين في وقت واحد } .

( ولنا ) حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أول وقت المغرب حين تغيب الشمس وآخره حين يغيب الشفق ، وتأويل حديث إمامة جبريل عليه السلام أنه أراد بيان وقت استحباب الأداء وبه نقول أنه يكره تأخير المغرب بعد غروب الشمس إلا بقدر ما يستبرئ فيه الغروب رواه الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم { لا تزال أمتي بخير ما عجلوا المغرب وأخروا العشاء } وأخر ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أداء المغرب يوما حتى بدا نجم فأعتق رقبة ، وعمر رضي الله تعالى عنه رأى نجمين طالعين قبل أدائه فأعتق رقبتين فهذا بيان كراهية التأخير فأما وقت الإدراك يمتد إلى غيبوبة الشفق والشفق البياض الذي بعد الحمرة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهو قول أبي بكر وعائشة رضي الله تعالى عنهما وإحدى الروايتين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما [ ص: 145 ] وفي قول أبي يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى الحمرة التي قبل البياض وهو قول عمر وعلي وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم وإحدى الروايتين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهكذا روى أسد بن عمرو عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى .

ووجه هذا أن الطوالع ثلاثة والغوارب ثلاثة ثم المعتبر لدخول الوقت الوسط من الطوالع وهو الفجر الثاني فكذلك في الغوارب المعتبر لدخول الوقت الوسط وهو الحمرة فبذهابها يدخل وقت العشاء ، وهذا لأن في اعتبار البياض معنى الحرج فإنه لا يذهب إلا قريبا من ثلث الليل ( وقال ) الخليل بن أحمد راعيت البياض بمكة فما ذهب إلا بعد نصف الليل ، وقيل : لا يذهب البياض في ليالي الصيف أصلا بل يتفرق في الأفق ثم يجتمع عند الصبح فلدفع الحرج جعلنا الشفق الحمرة ، وأبو حنيفة رحمه الله تعالى قال : الحمرة أثر الشمس والبياض أثر النهار فما لم يذهب كل ذلك لا يصير إلى الليل مطلقا وصلاة العشاء صلاة الليل كيف وقد جاء في الحديث { وقت العشاء إذا ملأ الظلام الظراب } وفي رواية { إذا ادلهم الليل } أي استوى الأفق في الظلام وذلك لا يكون إلا بعد ذهاب البياض فبذهابه يخرج وقت المغرب

التالي السابق


الخدمات العلمية