الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وإن أحس ) رجل أو امرأة ( بانتقال المني فحبسه ، فلم يخرج وجب الغسل ، كخروجه ) ; لأن الجنابة أصلها البعد لقوله تعالى { والجار الجنب } أي : البعيد ، ومع الانتقال قد باعد الماء محله فصدق عليه اسم الجنب وإناطة للحكم بالشهوة وتعليقا له على المظنة ، إذ بعد انتقاله يبعد عدم خروجه ، وأنكر أحمد أن يكون الماء يرجع .

                                                                                                                      ( ويثبت به ) أي : بانتقال المني ( حكم بلوغ ) كما يثبت بخروجه ( و ) يثبت به حكم ( فطر ) من صوم ممن قبل أو كرر النظر لشهوة ونحوه ، لا ممن احتلم ، كخروجه ( وغيرهما ) كوجوب بدنة في الحج حيث وجبت لخروج المني .

                                                                                                                      وفي شرح المنتهى : كفساد نسك وقال القاضي في تعليقه : التزاما وهو مبني على القول بفساد النسك بخروجه بالمباشرة ( وكذا انتقال حيض قاله ) الشيخ تقي الدين فيثبت به ما يثبت بخروجه ( فإن خرج المني بعد الغسل من انتقاله ) لم يجب الغسل .

                                                                                                                      ( أو ) خرج المني ( بعد غسله من جماع لم ينزل فيه ) بغير شهوة لم [ ص: 142 ] يجب الغسل ( أو خرجت بقية مني اغتسل له بغير شهوة لم يجب الغسل ) لما روى سعيد عن ابن عباس أنه سئل عن الجنب يخرج منه الشيء بعد الغسل ؟ قال : يتوضأ وكذا ذكره الإمام أحمد عن علي ولأنه مني واحد فأوجب غسلا واحدا ، كما لو خرج دفقة واحدة ، ولأنه خارج لغير شهوة أشبه الخارج لبرد ، وبه علل أحمد قال : لأن الشهوة ماضية ، وإنما هو حدث أرجو أن يجزئه الوضوء .

                                                                                                                      ( ولو ) انتقل المني ( ثم خرج إلى قلفة الأقلف ، أو ) إلى ( فرج المرأة وجب ) الغسل ، رواية واحدة وإن لم نقل بوجوب الغسل بالانتقال .

                                                                                                                      ( ولو خرج منيه من فرجها بعد غسلها فلا غسل عليها ) ; لأنه ليس منيها ( ويكفي الوضوء ، وإن دب منيه ) أي : الرجل فدخل فرجها ثم خرج فلا غسل عليها أو دب إلى فرجها ( مني امرأة أخرى بسحاق ، فدخل فرجها ) ثم خرج ( فلا غسل عليها بدون إنزال وتقدم في الباب قبله ) ; لأنه ليس منيا خارجا من مخرجه دفقا بلذة ; لأن الغسل إنما وجب جبرا للبدن لكونه ينقص به منه جزء لخروجه من جميعه ; لكون الحيوان يخلق منه ولكونه ينقص به جزء من البدن ولهذا يضعف بكثرته .

                                                                                                                      تنبيه محل وجوب الغسل بخروج المني : إذا لم يصر سلسا قاله القاضي وغيره فيجب الوضوء فقط ، لكن قال في المغني والشرح : يمكن منع كون هذا منيا ; لأن الشارع وصفه بصفة غير موجودة فيه ، وتقدم أن الغسل كالوضوء سبب وجوبه الحدث .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية