الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 530 ) فصل : إذا شك في دخول الوقت ، لم يصل حتى يتيقن دخوله ، أو يغلب على ظنه ذلك ، مثل من هو ذو صنعة جرت عادته بعمل شيء مقدر إلى وقت الصلاة ، أو قارئ جرت عادته بقراءة جزء فقرأه ، وأشباه هذا ، فمتى فعل ذلك ، وغلب على ظنه دخول الوقت ، أبيحت له الصلاة ، ويستحب تأخيرها قليلا احتياطا ، لتزداد غلبة ظنه ، إلا أن يخشى خروج الوقت ، أو تكون صلاة العصر في وقت الغيم ، فإنه يستحب التبكير بها ; لما روى بريدة ، قال : { كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة ، فقال : بكروا بصلاة العصر في الغيم ، فإنه من فاتته صلاة العصر حبط [ ص: 233 ] عمله } رواه البخاري ، وابن ماجه ومعناه - والله أعلم - التبكير بها إذا دخل وقت فعلها ، ليقين ، أو غلبة ظن ، وذلك لأن وقتها المختار في زمن الشتاء يضيق ، فيخشى خروجه .

                                                                                                                                            ( 531 ) فصل : ومن أخبره ثقة عن علم عمل به ; لأنه خبر ديني ، فقبل فيه قول الواحد كالرواية ، وإن أخبره عن اجتهاده لم يقلده ، واجتهد لنفسه ، حتى يغلب على ظنه ; لأنه يقدر على الصلاة باجتهاد نفسه ، فلم يصل باجتهاد غيره ، كحالة اشتباه القبلة . والبصير والأعمى والمطمور القادر على التوصل إلى الاستدلال سواء ; لاستوائهم في إمكان التقدير بمرور الزمان ، كما بينا ، فمتى صلى في هذه المواضع ، فبان أنه وافق الوقت أو بعده أجزأه ; لأنه أدى ما فرض عليه ، وخوطب بأدائه ، وإن بان أنه صلى قبل الوقت لم يجزه ; لأن المخاطبة بالصلاة وسبب الوجوب وجد بعد فعله ، فلم يسقط حكمه بما وجد قبله . وإن صلى من غير دليل مع الشك ، لم تجزه صلاته ، سواء أصاب أو أخطأ لأنه صلى مع الشك في شرط الصلاة من غير دليل ، فلم يصح ، كما لو اشتبهت عليه القبلة فصلى من غير اجتهاد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية