الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 238 ) فصل : قد ذكرنا أن المذي ينقض الوضوء ، وهو ما يخرج زلجا متسبسبا عند الشهوة ، فيكون على رأس الذكر . واختلفت الرواية في حكمه فروي أنه يوجب الوضوء وغسل الذكر والأنثيين ; لما روي { أن عليا رضي الله عنه قال : كنت رجلا مذاء ، فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته ، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله ، فقال يغسل ذكره وأنثييه ، ويتوضأ } رواه أبو داود وفي لفظ : " يغسل ذكره ويتوضأ " متفق عليه . وفي لفظ توضأ وانضح فرجك "

                                                                                                                                            والأمر يقتضي الوجوب ; ولأنه خارج بسبب الشهوة ، فأوجب غسلا زائدا على موجب البول كالمني ، فعلى هذا يجزئه غسلة واحدة ; لأن المأمور به غسل مطلق فيوجب ما يقع عليه اسم الغسل ، وقد ثبت في قوله في اللفظ الآخر : " وانضح فرجك وسواء غسله قبل الوضوء أو بعده ; لأنه غسل غير مرتبط بالوضوء ، فلم يترتب عليه ، كغسل النجاسة والرواية الثانية ، لا يجب أكثر من الاستنجاء والوضوء .

                                                                                                                                            روي ذلك عن ابن عباس ، وهو قول أكثر أهل العلم ، وظاهر كلام الخرقي ; لما روى سهل بن حنيف ، قال { كنت ألقى من المذي شدة وعناء ، فكنت أكثر منه الاغتسال ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنما يجزئك من ذلك الوضوء } أخرجه أبو داود والترمذي ، وقال حديث حسن صحيح . ولأنه خارج لا يوجب الاغتسال ، فأشبه الودي ، والأمر بالنضح وغسل الذكر والأنثيين محمول على الاستحباب ; لأنه يحتمله .

                                                                                                                                            وقوله " إنما يجزئك من ذلك الوضوء " . صريح في حصول الإجزاء بالوضوء ، فيجب تقديمه . فأما الودي ، فهو ماء أبيض ثخين ، يخرج بعد البول كدرا ، فليس فيه وفي بقية الخوارج إلا الوضوء . روي الأثرم بإسناده ، عن ابن عباس ، قال : المني والودي والمذي أما المني ففيه الغسل ، وأما المذي والودي ففيهما إسباغ الطهور .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية