الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وحد شهود الزنا ) الراجعون حد القذف ( مطلقا ) أي رجعوا قبل الحكم أو بعده قبل الاستيفاء أو بعده بجلد أو رجم مع الغرم في الرجم كما مر [ ص: 208 ] ( كرجوع أحد الأربعة ) في الزنا ( قبل الحكم ) فيه فيحد الأربعة لأن الشهادة لم تكمل ( وإن رجع ) أحدهم ( بعده ) أي الحكم ( حد الراجع فقط ) لاعترافه على نفسه بالقذف ويستوفى من المشهود عليه الحكم وأما إن ظهر أن أحدهم عبد أو كافر فيحد الجميع ( وإن ) ( رجع اثنان من ستة ) بعد الحكم ( فلا غرم ولا حد ) على أحد لأن الشهادة تمت بالأربعة وصار المشهود عليه غير عفيف نعم يؤدبان بالاجتهاد ( إلا إن ) ( تبين ) بعد الاستيفاء ورجوع الاثنين ( أن أحد الأربعة ) الباقين ( عبد ) أو كافر ( فيحد الراجعان ) حد القذف ( والعبد ) نصف حد الحر لأن الشهادة لم تتم ولا حد على الثلاثة الباقين ولا غرامة لأنه قد شهد معهم اثنان ولا عبرة في حقهم برجوعهما لأن شهادتهما معمول بها في الجملة بدليل أن الحكم المرتب عليها لا ينقض بخلاف ما لو تبين أن أحد الأربعة عبد فيحدوا كما مر لأن شهادته لا عبرة بها فهي عدم شرعا فلم يبق أربعة غيره ( وغرما ) أي الراجعان ( فقط ) دون العبد ( ربع الدية ) لأن ما زاد على الثلاثة ولو كثر في حكم الواحد بقية النصاب والعبد لا مال له لأن ماله لسيده ( ثم إن رجع ) بعد رجوع الاثنين ( ثالث ) من الستة ولم يكن في المسألة عبد بدليل تمام المسألة [ ص: 209 ] فليست هذه من تتمة ما قبلها ( حد هو والسابقان ) حد القذف لأن الباقين ثلاثة فلم يتم النصاب ( وغرموا ) أي الثلاثة ( ربع الدية ) أثلاثا بالسوية ( و ) إن رجع ( رابع ) أيضا ( فنصفها ) أرباعا بين الأربعة مع حد الرابع أيضا وخامس فثلاثة أرباعها بينهم أخماسا وسادس فجميعها أسداسا

التالي السابق


( قوله كرجوع أحد الأربعة ) هذا تشبيه في حد الجميع للقذف ( قوله وإن رجع أحدهم بعده حد الراجع فقط ) ظاهر المصنف يشمل رجوعه بعد إقامة الحد وفي هذه يحد وحده من غير خلاف ويشمل رجوعه بعد الحكم وقبل إقامة الحد وفي هذه خلاف حكاه ابن عرفة عن ابن رشد فقيل يحدوا كلهم وقيل يحد الراجع فقط وهو الذي يوجبه النظر لأنه يتهم أنه إنما رجع ليوجب الحد على من شهد معه لكن الأول وهو حد الجميع هو ظاهر قول المدونة إن رجع أحد الأربعة قبل إقامة الحد حدوا كلهم وبعده حد الراجع فقط ا هـ بن فقولها قبل إقامة الحد ظاهره سواء كان الرجوع قبل الحكم أو بعده وإن كان يحتمل قصره على ما إذا كان رجوعه قبل الحكم ( قوله لاعترافه على نفسه بالقذف ) أي دون غيره فالحكم تام بشهادة الأربعة وحينئذ فيستوفي من المشهود عليه للحكم أي ما حكم به عليه من جلد أو رجم .

( قوله وأما إن ظهر أن أحدهم إلخ ) أي إن ظهر بعد الحكم وقبل الاستيفاء أن أحد الأربعة عبد أو كافر فيحد الجميع أي وينقض الحكم لبطلان الشهادة ومثل العبد والكافر الفاسق فإذا ظهر بعد الحكم وقبل الاستيفاء أن أحدهم فاسق حد الجميع وبطلت الشهادة بناء على المعتمد الذي مشى عليه المصنف في باب القضاء من أن الحكم ينقض إذا تبين بعده أنه قضى بعبد أو كافر أو فاسق وأما على القول بأنه ينقض إذا تبين أن أحد الشهود عبد أو كافر لا إن تبين أنه فاسق فلا حد على واحد منهم لأن الشهادة تمت باجتهاد القاضي فإن ظهر بعد الحكم أن أحدهم زوج حد الجميع ويتوجه على الزوج اللعان فإن نكلت فلا حد عليهم كما في البدر ( قوله وإن رجع اثنان من ستة بعد الحكم ) أي وبعد الاستيفاء أو قبله ( قوله وصار المشهود عليه غير عفيف ) أي بشهادة الأربعة فصار الراجعان قاذفين غير عفيف ولا حد على قاذفة .

( قوله إلا إن تبين بعد الاستيفاء ) أي أو قبله فلو حذف قوله بعد الاستيفاء كان أحسن ( قوله لأن الشهادة ) أي التي يصير بها المشهود عليه غير عفيف لم تتم وحينئذ فعفته باقية فلذا حد الراجعان والعبد ( قوله ولا غرم ) أي إذا مات بالرجم .

( قوله لأنه قد شهد معهم اثنان إلخ ) هذا جواب عما يقال قد تقدم أنه إذا ظهر بعد الحكم أن أحد الأربعة عبد حد الجميع وهنا جعل الحد عليه وعلى الراجعين فقط وحاصل الجواب أنه في الأولى لم يبق أربعة غيره فبطلت شهادة الجميع فلذا حدوا بخلاف ما هنا فإنه بقي خمسة غيره لأن شهادة الراجعين معمول بها في الجملة ، ألا ترى أن الحكم المترتب عليها لا ينقض ( قوله والعبد لا مال له ) أي فلذا لم يغرم والأولى والعبد لم يحصل منه رجوع عن الشهادة وإنما رددنا شهادته لرقه فلذا لم يغرم شيئا ( قوله ثم إن رجع ثالث ) أي بعد رجوع اثنين من ستة شهدوا بزنا شخص ورجم [ ص: 209 ] قوله فليست هذه من تتمة ما قبلها ) أي وهي قوله إلا إن تبين أن أحد الأربعة عبد وإنما هي من تمام ما قبل الاستثناء وهي قوله وإن رجع اثنان من ستة فلا غرم ولا حد ( قوله فلم يتم النصاب ) أي نصاب الشهادة التي يصير بها غير عفيف وحينئذ فعفته باقية فلذا حد الثلاثة الراجعون




الخدمات العلمية