الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( ولا إن ) ( حدث ) للشاهد ( فسق بعد الأداء ) وقبل الحكم فلا تقبل لدلالة حدوثه على أنه كان كامنا فيه قبل الأداء فإن حدث بعد الحكم مضى ولا ينقض بخلاف ما لو ثبت بعد الحكم أنه شرب خمرا بعد الأداء وقبل الحكم فينقض كما إذا ظهر أنه قضى بفاسقين [ ص: 180 ] ( بخلاف تهمة جر ) بعد الأداء وقبل الحكم فلا تضر كشهادته بطلاق امرأة ثم تزوجها أو شهد لها بحق على آخر ثم تزوجها قبل الحكم ( و ) بخلاف تهمة ( دفع ) كشهادته بفسق رجل ثم شهد الرجل على آخر أنه قتل نفسا خطأ والشاهد بالفسق من عاقلة القاتل فإن ذلك لا يبطل شهادته بالفسق ( وعداوة ) ظاهره أنه عطف على جر أي وتهمة عداوة وهو غير صحيح لأنه يناقض ما قدمه من أن تهمة العداوة مبطلة للشهادة في قوله كقوله بعدها تتهمني وتشبهني بالمجانين مخاصما فوجب عطفه على تهمة فلو قال بخلاف عداوة وتهمة جر ودفع كان أصوب أي أن حدوث العداوة بعد الأداء وقبل الحكم لا يضر حيث تحقق حدوثها

التالي السابق


( قوله ولا إن حدث ) أي ولا إن ثبت حدوث فسق بعد الأداء وقبل الحكم سواء كان الثبوت قبل الحكم أو بعده وأما لو اتهم بحدوثه فلا يضر ( قوله لدلالة حدوثه على أنه كان كامنا فيه ) أي ولهذا قيد بعضهم المصنف بالفسق الذي يستتر بين الناس كشرب خمر وزنا لا نحو قتل وقذف وأطلق بعضهم والحاصل أن الفسق الحادث في الشاهد بعد الأداء إن كان مما يستتر عن الناس كزنا وشرب خمر ترد به الشهادة اتفاقا لأنه يدل على كون ذلك الفسق فيه وأنه كان متلبسا به وقت أداء الشهادة وأما القتل والقذف ونحوهما مما لا يكون كذلك فاختلف فيه فقال ابن القاسم تبطل الشهادة كالأول وقال ابن الماجشون لا تبطل واختاره غير واحد من الشيوخ ولفظ ابن الحاجب ولو حدث فسق بعد الأداء بطلت مطلقا وقيل إلا بنحو الجراح والقتل ا هـ بن وعلى كلام ابن القاسم لو شهد عدلان بطلاق امرأة ويقولان ورأيناه يطؤها بعد الطلاق كانت شهادتهما باطلة لأن قولهما ذلك قذف وقد حكى ح خلافا في حدهما نظرا لكونه قذفا وعدمه نظرا إلى أنه لما بطلت شهادتهما [ ص: 180 ] بالطلاق لم يكن المرمي به زنا فانظره ( قوله بخلاف إلخ ) لما ذكر أن جر المنفعة ودفع المضرة يقدح في الشهادة ذكر أن ظهور التهمة على ما ذكر بعد الأداء وقبل الحكم لا يقدح فيها لخفة التهمة في ذلك ( قوله كشهادته بطلاق امرأة ثم تزوجها ) أي والحال أنه لم يثبت أنه خطبها قبل زواج المشهود عليه بطلاقها وإلا ردت ( قوله أو شهد لها بحق إلخ ) أي فذلك الشاهد يتهم على أنه شهد لها لأجل أن يتزوجها وقد ظهرت تلك التهمة بعد الأداء وقبل الحكم ( قوله كشهادته بفسق رجل ) أي شهد ذلك الرجل بدين مثلا وقوله ثم شهد الرجل أي قبل الحكم بفسقه في الشهادة الأولى وذلك كما لو شهد زيد بفسق عمرو الشاهد بدين ثم إن عمرا شهد قبل الحكم بفسقه على بكر أنه قتل خالدا خطأ وزيد الشاهد بفسق عمرو من عاقلة بكر فشهادة زيد بفسق عمرو صحيحة ولا يضر تهمة زيد في شهادته بأنه قصد دفع الضرر عن نفسه لكونه من عاقلة بكر والحاصل أن زيدا يتهم على أنه إنما شهد بفسق عمرو لأجل دفع الضرر عن نفسه وقد ظهرت تلك التهمة بعد الأداء وقبل الحكم ( قوله بخلاف عداوة ) أي حدوثها بعد الأداء ( قوله حيث تحقق حدوثها ) أي وأما لو احتمل تقدمها على الأداء فإنها تضر كما مر في قوله كقوله أتتهمني وتشبهني بالمجانين مخاصما فما مر عداوة محقق سبقها على أداء الشهادة أو محتمل وما هنا حادثة تحقيقا




الخدمات العلمية