الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ولما تكلم على المسائل التي ينقضها هو وغيره أخذ يتكلم على ثلاث مسائل ينقضها هو فقط مع بيان السبب أيضا لما تقدم فقال ( ونقضه هو فقط إن ظهر أن غيره أصوب ) منه ( أو خرج عن رأيه ) إذا كان مجتهدا فحكم بغيره خطأ [ ص: 156 ] ( أو ) خرج المقلد عن ( رأي مقلده ) بالفتح أي إمامه خطأ أي ادعى كل منهما أنه أخطأ فينقضه فقط وأما لو ثبت ببينة أنه أخطأ بقرينة فإنه ينقضه هو وغيره كما مر ( ورفع ) حكمه ( الخلاف ) في تلك النازلة فلا يجوز لمخالف فيها نقضها فإذا حكم بفسخ عقد أو صحته لكونه يرى ذلك لم يجز لقاض غيره ولا له نقضه ولا يجوز لمفت علم بحكمه أن يفتي بخلافه وهذا في الخلاف المعتبر بين العلماء وأما ما ضعف مدركه بأن خالف نصا ، أو جلي قياس ، أو إجماعا فينقض كما مر ومن المخالف للقواعد القطعية وظواهر النصوص الحقية ما يفعل من الحيل الظاهرة الفساد كأن يسلف غيره مالا ويقول له أنذر على نفسك أنه متى كان هذا المال في ذمتك أن تعطيني كل شهر مثلا كذا من الدراهم ، أو أعطني أرضك لأزرعها وأبح لي منفعتها مدة بقاء الدراهم في ذمتك وحكم بذلك حاكم فلا ريب أنه يجب نقضه .

التالي السابق


( قوله : لما تقدم ) أي من خوف نسبته للجور والهوى . ( قوله : ونقضه هو فقط ) أي وبين السبب واستغنى المصنف عن ذكر بيان السبب هنا بذكره سابقا والمراد نقضه في حال ولايته التي حكم فيها به ، أو في ولاية أخرى بعد عزله وقال مطرف وابن الماجشون لا ينقضه في الولاية الثانية وكلام ح يفيد ترجيح ما قالاه ا هـ عبق . ( قوله : إن ظهر أن غيره أصوب ) أي إن ظهر له أن الحكم المغاير لما حكم به أصوب مما حكم به وهذا يتأتى في المجتهد إذا حكم برأيه مستندا لدليل ، ثم ظهر له أن غيره أصوب منه وفي المقلد أيضا إذا كان من أهل الترجيح كما إذا حكم بقول ابن القاسم مثلا ، ثم ظهر له أن قول سحنون مثلا أرجح منه [ ص: 156 ] قوله : أو خرج المقلد عن رأي مقلده ) هذا في المقلد وهو مقيد بما إذا صادف حكمه قول عالم وقد كان قاصدا الحكم بقول غيره وأما إن حكم بشيء غير قاصد لقول أحد من العلماء فصادف قول عالم فإن ذلك ينقضه هو وغيره كما يفيده نقل المواق ومقيد أيضا بما إذا كان مفوضا له في الحكم بأي قول قوي من أقوال علماء مذهبه وأما إن ولي على الحكم بقول عالم معين فحكمه بقول غيره باطل ، ولو حكم به من غير قصد ; لأنه معزول عن الحكم به وأما إن قصد الحكم بقول عالم فحكم بما لم يقله عالم فينقض حكمه هو وغيره فالصور أربع . ( قوله : أي ادعى كل منهما ) أي المجتهد والمقلد . ( قوله : ورفع الخلاف ) أي رفع العمل بمقتضى الخلاف فإذا حكم القاضي في جزئية بفسخ عقد لكون مذهبه يراه فالمرتفع بحكمه العمل بمقتضى الخلاف أي بمقتضى مذهب المخالف فلا يجوز للمخالف أن يحكم في هذه الجزئية بصحة العقد وليس معناه أن هذه الجزئية يصير الحكم فيها عند المخالف مثل ما حكم به فيها إذ الخلاف الواقع بين العلماء موجود على حاله لا يرتفع إذ رفع الواقع محال هذا ما يفيده كلام عج وتلامذته والذي في البساطي نقلا عن ابن رشد أن المرتفع بحكم الحاكم نفس الخلاف وأن الجزئية المحكوم فيها تصير مجمعا عليها . ( قوله : وهذا في الخلاف إلخ ) الأولى وهذا في الحكم المعتبر بين العلماء وهو ما قوي مدركه وأما ما ضعف إلخ وقوله : فينقض الأنسب فلا يرفع الخلاف بل ينقض كما مر . ( قوله : وحكم بذلك حاكم ) أي شافعي يرى جواز ذلك . ( قوله : فلا ريب أنه يجب نقضه ) أي ولا يرفع خلافا لمخالفته للقاعدة القطعية وهي أن كل سلف جر نفعا فهو ربا والربا محرم كتابا وسنة وإجماعا .




الخدمات العلمية