الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                صفحة جزء
                                                                                4668 ( 69 ) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثني سعد بن سعيد قال حدثني أنس بن مالك قال : بعثني أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأدعوه ، قال فأقبلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس ، قال : فنظر إلي فاستحييت فقلت : أجب أبا طلحة ، فقال للناس : قوموا ، فقال أبو طلحة : يا رسول الله ، إنما صنعت شيئا لك قال : فمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا فيها بالبركة وقال : أدخل نفرا من أصحابي عشرة ، فأكلوا حتى شبعوا ، فما زال يدخل عشرة ويخرج عشرة حتى لم يبق منهم أحد إلا دخل فأكل حتى شبع ثم هيأها فإذا هي مثلها حين أكلوا منها .

                                                                                ( 70 ) حدثنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا سليمان التيمي عن أبي العلاء بن الشخير عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بقصعة من ثريد فوضعت بين يدي القوم فتعاقبوها إلى الظهر من غدوة ، يقوم قوم ويجلس آخرون ، فقال رجل : يا سمرة أكانت تمد ، قال سمرة من أي شيء تعجب ، ما كانت تمد إلا من هاهنا وأشار بيده إلى السماء [ ص: 425 ]

                                                                                ( 71 ) حدثنا المحاربي عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه قال : قلت لجابر بن عبد الله : حدثني بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته منه أرويه عنك ، فقال جابر : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق نحفر فيه فلبثنا ثلاثة أيام لا نطعم طعاما ولا نقدر عليه ، فعرضت في الخندق كدية ، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، هذه كدية قد عرضت في الخندق ، فرششنا عليها الماء ، قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وبطنه معصوب بحجر ، فأخذ المعول أو المسحاة ثم سمى ثلاثا ثم ضرب فعادت كثيبا أهيل ، فلما رأيت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : يا رسول الله ، ائذن لي ، فأذن لي ؛ فجئت امرأتي فقلت : ثكلتك أمك ، قد رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لا أصبر عليه ، فما عندك ؟ قالت : عندي صاع من شعير وعناق ، قال : فطحنا الشعير وذبحنا العناق وسلخناها وجعلناها في البرمة وعجنا الشعير ، ثم رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبثت ساعة ، واستأذنته الثانية فأذن لي فجئت فإذا العجين قد أمكن ، فأمرتها بالخبز ، وجعلت القدر على الأثافي ، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فساررته فقلت : إن عندنا طعيما لنا ، فإن رأيت أن تقوم معي أنت ورجل أو رجلان معك فعلت ، قال : وكم هو ؟ قلت : صاع من شعير وعناق ، قال : ارجع إلى أهلك وقل لها : لا تنزعي البرمة من الأثافي ولا تخرجي الخبز من التنور حتى آتي ، ثم قال للناس : قوموا إلى بيت جابر ، قال : فاستحييت حياء لا يعلمه إلا الله ؛ فقلت لامرأتي ؛ ثكلتك أمك ، جاءك رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه أجمعين ، فقالت : أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سألك عن الطعام ؟ فقلت : نعم ، فقالت : الله ورسوله أعلم ، قد أخبرته بما كان عندنا ، قال : فذهب عني بعض ما كنت أجد ، قلت لها : صدقت : قال : فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل ثم قال لأصحابه : لا تضاغطوا ، ثم برك على التنور وعلى البرمة ، ثم جعلنا نأخذ من التنور الخبز ونأخذ اللحم من البرمة ، فنثرد ونغرف ونقرب إليهم ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليجلس [ ص: 426 ] على الصحفة سبعة أو ثمانية ، قال : فلما أكلوا كشفنا التنور والبرمة ، فإذا هما قد عادا إلى أملأ ما كانا ، فنثرد ونغرف ونقرب إليهم ، فلم نزل نفعل كذلك ، كلما فتحنا التنور وكشفنا عن البرمة وجدناهما أملأ ما كانا ، حتى شبع المسلمون كلهم ؛ وبقي طائفة من الطعام فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الناس قد أصابتهم مخمصة ، فكلوا وأطعموا قال : فلم نزل يومنا نأكل ونطعم ، قال : وأخبرني أنهم كانوا ثمانمائة أو ثلاثمائة .

                                                                                ( 72 ) حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي عن جابر قال : توفي أو استشهد عبد الله بن عمرو بن حرام ، فاستعنت برسول الله صلى الله عليه وسلم على غرمائه أن يضعوا من دينهم شيئا ، فأبوا فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذهب فصنف تمرك أصنافا ثم أعلمني ، قال : ففعلت فجعلت العجوة على حدة وصنفته أصنافا ، ثم أعلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فجاء فقعد على أعلاه أو في وسطه ، ثم قال : كل للقوم فكلت لهم حتى وفيتهم وبقي تمري كأنه لم ينقص منه شيء .

                                                                                ( 73 ) حدثنا حاتم بن إسماعيل عن أنيس بن أبي يحيى عن إسحاق بن سالم عن أبي هريرة قال : خرج علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال : ادع لي أصحابك يعني أصحاب الصفة ، فجعلت أتبعهم رجلا رجلا أوقظهم حتى جمعتهم ، فجئنا باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنا فأذن لنا ، قال أبو هريرة : ووضعت بين أيدينا صحفة فيها صنيع قدر مدي شعير ، قال : فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عليها فقال : خذوا بسم الله ، فأكلنا ما شئنا ثم رفعنا أيدينا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وضعت الصحفة : والذي نفس محمد بيده ، ما أمسى في آل محمد طعام غير شيء ترونه ، فقيل لأبي هريرة : قدر كم كانت حين فرغتم ؟ قال : مثلها حين وضعت إلا أن فيها أثر الأصابع .

                                                                                التالي السابق


                                                                                الخدمات العلمية