الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1029 [ ص: 61 ] حديث رابع لثور بن زيد مرسل شركه فيه حميد بن قيس مالك عن حميد بن قيس وثور بن زيد أنهما أخبراه عن رسول الله صلى الله عليه وأحدهما يزيد في الحديث على صاحبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قائما في الشمس ، فقال : ما بال هذا ؟ ، قالوا : نذر ألا يتكلم ، ولا يستظل ، ولا يجلس ويصوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مروه فليتكلم وليستظل وليجلس وليتم صيامه ، قال مالك : ولم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه أمره بكفارة ، وقد أمره أن يتم ما كان لله طاعة ، وأن يترك ما كان لله معصية .
قال أبو عمر : هذا الحديث يتصل عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ، منها حديث جابر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه ، ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن أبي إسرائيل رجل من أصحاب النبي عليه [ ص: 62 ] السلام وأظن - والله أعلم - أن حديث جابر هو هذا ; لأن مجاهدا رواه ، عن جابر وحميد بن قيس صاحب nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
وفيه دليل على أن nindex.php?page=treesubj&link=30504_28642السكوت عن المباح ، أو عن ذكر الله ليس من طاعة الله ، وكذلك الجلوس للشمس ، وفي معناه كل ما يتأذى به الإنسان مما لا طاعة فيه بنص كتاب ، أو سنة ، وكذلك الحفا وغيره مما لم ترد الشريعة بعمله ، لا طاعة لله فيه ، ولا قربة ، وإنما nindex.php?page=treesubj&link=30491_30503الطاعة ما أمر الله به ورسوله بالتقرب بعمله إلى الله تبارك اسمه .
وقد جاء عن مالك في هذا الباب مسألة ذكرها في موطئه في nindex.php?page=treesubj&link=27224_18085الرجل يقول للرجل : أنا أحملك إلى بيت الله ، قال : إن نوى أن يحمله على رقبته يريد بذلك المشقة ، فليس ذلك عليه وليمش على رجليه وليهد ، وإن لم يكن نوى شيئا من ذلك فليحج وليركب وليحج به معه إن أطاعه ، وإن أبى ، فلا شيء عليه . وقد أنكر قوم على مالك إيجاب الهدي في هذه المسألة على الذي نوى أن يحمله على رقبته ، وقالوا : ليس هذا أصله فيمن ترك الوفاء بما لا طاعة فيه من نذره أن يكفر بهدي ، أو غيره ; لأن حمله على رقبته ليس لله فيه طاعة ، وهو يشبه نذر الذي نذر أن لا يتكلم ، ولا يستظل .
وقد سئل nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل القاضي عن هذا ، فقال : لو قدر أن يحمله لكان طاعة ، قال : ومن هنا وجب عليه الهدي عند مالك ولم يجعله كالمستظل والمتكلم بعد نذره أن لا يستظل ، ولا يتكلم .
قال أبو عمر : أصل مالك الذي لم يخالفه فيه أحد من أصحابه أن nindex.php?page=treesubj&link=4180_4186من نذر ما فيه لله طاعة بما لا طاعة فيه لزمه الوفاء بما فيه طاعة وترك ما سواه ، ولا شيء عليه لتركه ، وذلك كمن nindex.php?page=treesubj&link=4182_4180_4186_27224نذر أن يمشي إلى بيت المقدس للصلاة فيه فينبغي له أن يقصد بيت المقدس لما في ذلك من الطاعة ، وليس عليه قصده ماشيا ; إذ المشي لا طاعة فيه ، ولا هدي عليه ، وهذا يقضي على المسألة الأولى ويقضي على أن nindex.php?page=treesubj&link=4186_4192_27224من [ ص: 63 ] نذر المشي إلى الكعبة حافيا أنه ينتعل ، ولا شيء عليه ، وإن كان مالك في هذه كان يستحسن الهدي أيضا ، وليس بشيء .
حدثني أحمد بن محمد بن أحمد قال : أخبرنا أحمد بن الفضل الخفاف قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16949محمد بن حميد ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13655سلمة بن الفضل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، عن أبان بن صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : كان أبو إسرائيل رجلا من بني فهر فنذر ليقومن في الشمس حتى يصلي النبي عليه السلام الجمعة وليصومن ذلك اليوم فرآه النبي عليه السلام ، فقال : ما شأنه ؟ فأخبروه فأمره أن يجلس ويستظل ويصوم ، ولم يأمره بكفارة ، وهذا الحديث يدل على أن nindex.php?page=treesubj&link=4181كل ما ليس لله بطاعة حكمه حكم المعصية في أنه لا يلزم الوفاء ، ولا الكفارة عنه ، فإن ظن ظان أن إيجاب الكفارة بالهدي ، أو غيره احتياط ، قيل له : لا مدخل للاحتياط في إيجاب شيء لم يوجبه الله في ذمة بريئة ، بل nindex.php?page=treesubj&link=33073الاحتياط الكف عن إيجاب ما لم يأذن الله بإيجابه ، وفي هذا الحديث أيضا دليل على فساد قول من قال : إن nindex.php?page=treesubj&link=4181_4192من نذر معصية كان [ ص: 64 ] عليه مع تركها كفارة يمين ، فإن احتج محتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة جميعا ، عن النبي عليه السلام أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010382لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين ، قيل : له هذان حديثان مضطربان ، لا أصل لهما عند أهل الحديث ; لأن حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة إنما يدور على سليمان بن أرقم وسليمان بن أرقم متروك الحديث ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين يدور على زهير بن محمد عن أبيه ، وأبوه مجهول لم يرو عنه غير ابنه زهير وزهير أيضا عنده مناكير ، وقد بينا العلة في هذين الحديثين في باب طلحة بن عبد الملك من كتابنا هذا ، ويدل هذا الحديث أيضا على صحة قول من ذهب إلى أن nindex.php?page=treesubj&link=4192_4181من نذر أن ينحر ابنه أنه لا شيء عليه من كفارة ، ولا غيرها ، وقد قاله مالك على اختلاف عنه ، وهو الصحيح إن شاء الله ; لأنه nindex.php?page=treesubj&link=4181لا معصية أعظم من إراقة دم امرئ مسلم بغير حق ، ولا معنى لإيجاب كفارة يمين على من نذر ذلك ، ولا للاعتبار في ذلك بكفارة الظهار في قول المنكر والزور ; لأن nindex.php?page=treesubj&link=23271الظهار ليس بنذر والمنذر في المعصية قد جاء فيه نص عن النبي صلى الله عليه قولا وعملا ، فأما العمل فهو ما في حديث جابر هذا . وأما القول فحديث عائشة ، عن النبي عليه السلام أنه قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله ، فلا يعصه ، وقد ذكرنا في كتابنا هذا في باب طلحة بن عبد الملك . [ ص: 65 ]
أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=12549عبد الله بن محمد بن أسد الجهني قال : حدثنا سعيد بن السكن قال : حدثنا محمد بن يوسف قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل البخاري قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17173موسى بن إسماعيل قال : حدثنا وهيب قال : حدثنا أيوب عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010383بينما النبي عليه السلام يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه ، فقالوا : يا رسول الله أبو إسرائيل نذر أن يقوم ، ولا يقعد ، ولا يستظل ، ولا يتكلم ويصوم ، فقال النبي صلى الله عليه : مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وقال عبد الوهاب : حدثنا أيوب عن عكرمة عن النبي عليه السلام . قال أبو عمر : سيأتي في باب طلحة بن عبد الملك ما ينضاف إلى هذا الباب ويليق به إن شاء الله .
قال أبو عمر : هذا الحديث يتصل عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ، منها حديث جابر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه ، ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن أبي إسرائيل رجل من أصحاب النبي عليه [ ص: 62 ] السلام وأظن - والله أعلم - أن حديث جابر هو هذا ; لأن مجاهدا رواه ، عن جابر وحميد بن قيس صاحب nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
وفيه دليل على أن nindex.php?page=treesubj&link=30504_28642السكوت عن المباح ، أو عن ذكر الله ليس من طاعة الله ، وكذلك الجلوس للشمس ، وفي معناه كل ما يتأذى به الإنسان مما لا طاعة فيه بنص كتاب ، أو سنة ، وكذلك الحفا وغيره مما لم ترد الشريعة بعمله ، لا طاعة لله فيه ، ولا قربة ، وإنما nindex.php?page=treesubj&link=30491_30503الطاعة ما أمر الله به ورسوله بالتقرب بعمله إلى الله تبارك اسمه .
وقد جاء عن مالك في هذا الباب مسألة ذكرها في موطئه في nindex.php?page=treesubj&link=27224_18085الرجل يقول للرجل : أنا أحملك إلى بيت الله ، قال : إن نوى أن يحمله على رقبته يريد بذلك المشقة ، فليس ذلك عليه وليمش على رجليه وليهد ، وإن لم يكن نوى شيئا من ذلك فليحج وليركب وليحج به معه إن أطاعه ، وإن أبى ، فلا شيء عليه . وقد أنكر قوم على مالك إيجاب الهدي في هذه المسألة على الذي نوى أن يحمله على رقبته ، وقالوا : ليس هذا أصله فيمن ترك الوفاء بما لا طاعة فيه من نذره أن يكفر بهدي ، أو غيره ; لأن حمله على رقبته ليس لله فيه طاعة ، وهو يشبه نذر الذي نذر أن لا يتكلم ، ولا يستظل .
وقد سئل nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل القاضي عن هذا ، فقال : لو قدر أن يحمله لكان طاعة ، قال : ومن هنا وجب عليه الهدي عند مالك ولم يجعله كالمستظل والمتكلم بعد نذره أن لا يستظل ، ولا يتكلم .
قال أبو عمر : أصل مالك الذي لم يخالفه فيه أحد من أصحابه أن nindex.php?page=treesubj&link=4180_4186من نذر ما فيه لله طاعة بما لا طاعة فيه لزمه الوفاء بما فيه طاعة وترك ما سواه ، ولا شيء عليه لتركه ، وذلك كمن nindex.php?page=treesubj&link=4182_4180_4186_27224نذر أن يمشي إلى بيت المقدس للصلاة فيه فينبغي له أن يقصد بيت المقدس لما في ذلك من الطاعة ، وليس عليه قصده ماشيا ; إذ المشي لا طاعة فيه ، ولا هدي عليه ، وهذا يقضي على المسألة الأولى ويقضي على أن nindex.php?page=treesubj&link=4186_4192_27224من [ ص: 63 ] نذر المشي إلى الكعبة حافيا أنه ينتعل ، ولا شيء عليه ، وإن كان مالك في هذه كان يستحسن الهدي أيضا ، وليس بشيء .
حدثني أحمد بن محمد بن أحمد قال : أخبرنا أحمد بن الفضل الخفاف قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16949محمد بن حميد ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13655سلمة بن الفضل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، عن أبان بن صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : كان أبو إسرائيل رجلا من بني فهر فنذر ليقومن في الشمس حتى يصلي النبي عليه السلام الجمعة وليصومن ذلك اليوم فرآه النبي عليه السلام ، فقال : ما شأنه ؟ فأخبروه فأمره أن يجلس ويستظل ويصوم ، ولم يأمره بكفارة ، وهذا الحديث يدل على أن nindex.php?page=treesubj&link=4181كل ما ليس لله بطاعة حكمه حكم المعصية في أنه لا يلزم الوفاء ، ولا الكفارة عنه ، فإن ظن ظان أن إيجاب الكفارة بالهدي ، أو غيره احتياط ، قيل له : لا مدخل للاحتياط في إيجاب شيء لم يوجبه الله في ذمة بريئة ، بل nindex.php?page=treesubj&link=33073الاحتياط الكف عن إيجاب ما لم يأذن الله بإيجابه ، وفي هذا الحديث أيضا دليل على فساد قول من قال : إن nindex.php?page=treesubj&link=4181_4192من نذر معصية كان [ ص: 64 ] عليه مع تركها كفارة يمين ، فإن احتج محتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة جميعا ، عن النبي عليه السلام أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010382لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين ، قيل : له هذان حديثان مضطربان ، لا أصل لهما عند أهل الحديث ; لأن حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة إنما يدور على سليمان بن أرقم وسليمان بن أرقم متروك الحديث ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين يدور على زهير بن محمد عن أبيه ، وأبوه مجهول لم يرو عنه غير ابنه زهير وزهير أيضا عنده مناكير ، وقد بينا العلة في هذين الحديثين في باب طلحة بن عبد الملك من كتابنا هذا ، ويدل هذا الحديث أيضا على صحة قول من ذهب إلى أن nindex.php?page=treesubj&link=4192_4181من نذر أن ينحر ابنه أنه لا شيء عليه من كفارة ، ولا غيرها ، وقد قاله مالك على اختلاف عنه ، وهو الصحيح إن شاء الله ; لأنه nindex.php?page=treesubj&link=4181لا معصية أعظم من إراقة دم امرئ مسلم بغير حق ، ولا معنى لإيجاب كفارة يمين على من نذر ذلك ، ولا للاعتبار في ذلك بكفارة الظهار في قول المنكر والزور ; لأن nindex.php?page=treesubj&link=23271الظهار ليس بنذر والمنذر في المعصية قد جاء فيه نص عن النبي صلى الله عليه قولا وعملا ، فأما العمل فهو ما في حديث جابر هذا . وأما القول فحديث عائشة ، عن النبي عليه السلام أنه قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله ، فلا يعصه ، وقد ذكرنا في كتابنا هذا في باب طلحة بن عبد الملك . [ ص: 65 ]
أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=12549عبد الله بن محمد بن أسد الجهني قال : حدثنا سعيد بن السكن قال : حدثنا محمد بن يوسف قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل البخاري قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17173موسى بن إسماعيل قال : حدثنا وهيب قال : حدثنا أيوب عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010383بينما النبي عليه السلام يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه ، فقالوا : يا رسول الله أبو إسرائيل نذر أن يقوم ، ولا يقعد ، ولا يستظل ، ولا يتكلم ويصوم ، فقال النبي صلى الله عليه : مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وقال عبد الوهاب : حدثنا أيوب عن عكرمة عن النبي عليه السلام . قال أبو عمر : سيأتي في باب طلحة بن عبد الملك ما ينضاف إلى هذا الباب ويليق به إن شاء الله .