الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة الرابعة

[ دم الحيوان ]

اتفق العلماء على أن دم الحيوان البري نجس ، واختلفوا في دم السمك ، وكذلك اختلفوا في الدم القليل [ ص: 70 ] من دم الحيوان غير البحري ، فقال قوم : دم السمك طاهر ، وهو أحد قولي مالك ، ومذهب الشافعي .

وقال قوم : هو نجس على أصل الدماء ، وهو قول مالك في المدونة ، وكذلك قال قوم : إن قليل الدماء معفو عنه . وقال قوم : بل القليل منها والكثير حكمه واحد ، والأول عليه الجمهور .

والسبب في اختلافهم في دم السمك هو اختلافهم في ميتته ، فمن جعل ميتته داخلة تحت عموم التحريم جعل دمه كذلك ، ومن أخرج ميتته أخرج دمه قياسا على الميتة ، وفي ذلك أثر ضعيف وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : " أحلت لنا ميتتان ، ودمان الجراد والحوت والكبد والطحال " .

وأما اختلافهم في كثير الدم وقليله فسببه اختلافهم في القضاء بالمقيد على المطلق أو بالمطلق على المقيد ، وذلك أنه ورد تحريم الدم مطلقا في قوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ) وورد مقيدا في قوله تعالى : ( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما ) إلى قوله : ( أو دما مسفوحا أو لحم خنزير ) فمن قضى بالمقيد على المطلق وهم الجمهور قال المسفوح هو النجس المحرم فقط ، ومن قضى بالمطلق على المقيد ; لأن فيه زيادة قال : المسفوح وهو الكثير ، وغير المسفوح وهو القليل ، كل ذلك حرام ، وأيد هذا بأن كل ما هو نجس لعينه فلا يتبعض .

التالي السابق


الخدمات العلمية