الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الباب الثاني

في الأحكام

وأما الأحكام : فمنها أحكام العقد ، ومنها أحكام فعل الوكيل .

فأما هذا العقد فهو كما قلنا عقد غير لازم للوكيل أن يدع الوكالة متى شاء عند الجميع ، لكن أبو حنيفة يشترط في ذلك حضور الموكل ، وللموكل أن يعزله متى شاء . قالوا : إلا أن تكون وكالة في خصومة . وقال أصبغ : له ذلك ما لم يشرف على تمام الحكم ، وليس للوكيل أن يعزل نفسه في الموضع الذي لا يجوز أن يعزله الموكل .

وليس من شروط انعقاد هذا العقد حضور الخصم عند مالك والشافعي . وقال أبو حنيفة : ذلك من شروطه . وكذلك ليس من شرط إثباتها عند الحاكم حضوره عند مالك . وقال الشافعي : من شرطه . واختلف أصحاب مالك هل تنفسخ الوكالة بموت الموكل على قولين ، فإذا قلنا تنفسخ بالموت كما تنفسخ بالعزل فمتى يكون الوكيل معزولا ، والوكالة منفسخة في حق من عامله في المذهب ؟ فيه ثلاثة أقوال :

الأول أنها تنفسخ في حق الجميع بالموت والعزل .

والثاني أنها تنفسخ في حق كل واحد منهم بالعلم ، فمن علم انفسخت في حقه ، ومن لم يعلم لم تنفسخ في حقه .

والثالث : أنها تنفسخ في حق من عامل الوكيل بعلم الوكيل وإن لم يعلم هو ، ولا تنفسخ في حق الوكيل بعلم الذي عامله إذا لم يعلم الوكيل ، ولكن من دفع إليه شيئا بعد العلم بعزله ضمنه ، لأنه دفع إلى من يعلم أنه ليس بوكيل .

[ ص: 642 ] وأما أحكام الوكيل ففيها مسائل مشهورة :

أحدها : إذا وكل على بيع شيء هل يجوز له أن يشتريه لنفسه ؟ فقال مالك : يجوز ، وقد قيل عنه : لا يجوز; وقال الشافعي : لا يجوز ، وكذلك عند مالك الأب والوصي .

ومنها إذا وكله في البيع وكالة مطلقة لم يجز له عند مالك أن يبيع إلا بثمن مثله نقدا بنقد البلد ، ولا يجوز إن باع نسيئة ، أو بغير نقد البلد ، أو بغير ثمن المثل ، وكذلك الأمر عنده في الشراء . وفرق أبو حنيفة بين البيع والشراء لمعين ، فقال : يجوز في البيع أن يبيع بغير ثمن المثل ، وأن يبيع نسيئة ، ولم يجز إذا وكله في شراء عبد بعينه أن يشتريه إلا بثمن المثل نقدا ، ويشبه أن يكون أبو حنيفة إنما فرق بين الوكالة على شراء شيء ; لأن من حجته أنه كما أن الرجل قد يبيع الشيء بأقل من ثمن مثله ونساء لمصلحة يراها في ذلك كله ، كذلك حكم الوكيل إذ قد أنزله منزلته ، وقول الجمهور أبين .

وكل ما يعتدي فيه الوكيل ضمن عند من يرى أنه تعدى .

وإذا اشترى الوكيل شيئا وأعلم أن الشراء للموكل فالملك ينتقل إلى الموكل ، وقال أبو حنيفة : إلى الوكيل أولا ثم إلى الموكل .

وإذا دفع الوكيل دينا عن الموكل ولم يشهد فأنكر الذي له الدين القبض ضمن الوكيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية