الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 640 ] بسم الله الرحمن الرحيم .

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما .

كتاب الوكالة .

وفيها ثلاثة أبواب :

الباب الأول : في أركانها ، وهي النظر فيما فيه التوكيل ، وفي الموكل .

والثاني : في أحكام الوكالة .

والثالث : في مخالفة الموكل للوكيل .

الباب الأول .

في أركانها .

وهي النظر فيما فيه التوكيل ، وفي الموكل ، وفي الموكل .

الركن الأول .

في الموكل .

واتفقوا على وكالة الغائب ، والمريض ، والمرأة المالكين لأمور أنفسهم ، واختلفوا في وكالة الحاضر الذكر الصحيح ، فقال مالك : تجوز وكالة الحاضر الصحيح الذكر ، وبه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : لا تجوز وكالة الصحيح الحاضر ولا المرأة إلا أن تكون برزة .

فمن رأى أن الأصل : لا ينوب فعل الغير عن فعل الغير إلا ما دعت إليه الضرورة ، وانعقد الإجماع عليه قال : لا تجوز نيابة من اختلف في نيابته . ومن رأى أن الأصل هو الجواز قال : الوكالة في كل شيء جائزة إلا فيما أجمع على أنه لا تصح فيه من العبادات وما جرى مجراها .

الركن الثاني .

في الوكيل .

وشروط الوكيل : أن لا يكون ممنوعا بالشرع من تصرفه في الشيء الذي وكل فيه ، فلا يصح توكيل الصبي ، ولا المجنون ، ولا المرأة عند مالك ، والشافعي على عقد النكاح . أما عند الشافعي فلا بمباشرة ، ولا بواسطة ( أي : بأن توكل هي من يلي عقد النكاح ) ، ويجوز عند مالك بالواسطة الذكر .

الركن الثالث .

فيما فيه التوكيل .

وشرط محل التوكيل : أن يكون قابلا للنيابة مثل البيع ، والحوالة ، والضمان ، وسائر العقود ، والفسوخ ، والشركة ، والوكالة ، والمصارفة ، والمجاعلة ، والمساقاة ، والطلاق ، والنكاح ، والخلع ، والصلح . ولا تجوز في [ ص: 641 ] العبادات البدنية ، وتجوز في المالية كالصدقة والزكاة والحج ، وتجوز عند مالك في الخصومة على الإقرار والإنكار ، وقال الشافعي في أحد قوليه : لا تجوز على الإقرار ، وشبه ذلك بالشهادة والأيمان .

وتجوز الوكالة على استيفاء العقوبات عند مالك ، وعند الشافعي مع الحضور قولان .

والذين قالوا إن الوكالة تجوز على الإقرار اختلفوا في مطلق الوكالة على الخصومة هل يتضمن الإقرار أم لا ؟ فقال مالك : لا يتضمن ، وقال أبو حنيفة : يتضمن .

الركن الرابع

[ في الوكالة ]

وأما الوكالة فهي عقد يلزم بالإيجاب والقبول كسائر العقود ، وليست هي من العقود اللازمة بل الجائزة على ما نقوله في أحكام هذا العقد ، وهي ضربان عند مالك عامة وخاصة ، فالعامة : هي التي تقع عنده بالتوكيل العام الذي لا يسمى فيه شيء دون شيء وذلك أنه إن سمي عنده لم ينتفع بالتعميم والتفويض ، وقال الشافعي : لا تجوز الوكالة بالتعميم وهي غرر ، وإنما يجوز منها ما سمي وحدد ونص عليه ، وهو الأقيس إذ كان الأصل فيها المنع ، إلا ما وقع عليه الإجماع .

التالي السابق


الخدمات العلمية