الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن اشترى عبدا مرتدا فقتل في يده ، ففيه وجهان في قول أبي إسحاق ينفسخ البيع ويرجع بالثمن ، وعلى قول أبي العباس وأبي علي بن أبي هريرة إن كان قد علم بالردة لم يرجع بالأرش ، وإن لم يعلم رجع بالأرش ووجههما ما ذكرناه في الجاني عمدا )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) بيع العبد المرتد صحيح على المذهب كبيع العبد المريض المشرف على الهلاك ، وعن الشيخ أبي علي حكاية وجه أنه لا يصح تخريجا من الخلاف في العبد الجاني ، والمشهور القطع بالأول ، وكذلك يقاس الجاني عليه وقد تقدمت الإشارة إلى الفرق ، لأن رقبة الجاني مستحقة لآدمي وله العفو على مال فكأن تعلق المال حاصل بخلاف المرتد ، وقال القاضي حسين : إن الوجه المذكور خطأ ; لأن الشافعي نص أن رهن المرتد والقاتل جائز ، فإذا فرعنا على صحته فقتل قبل القبض انفسخ العقد على ما تقدم ، وإن قتل في يد المشتري بالردة السابقة فعلى الخلاف المتقدم في الجاني على قول أبي إسحاق وابن الحداد ، والمنصوص للشافعي ، ينفسخ البيع ويرجع بالثمن إن كان المشتري جاهلا بردته . وفيما إذا كان عالما وجهان ، رأي المصنف والشيخ أبي حامد وأبي إسحاق أنه كذلك ، ولهذا أطلق هنا ، ورأي ابن الحداد وهو [ ص: 606 ] الأصح على ما تقدم أنه لا ينفسخ البيع ، ولا يرجع بشيء . قال الإمام : كان يقرب من ذلك الوجه ، يعني الذي يقول بأنه ينفسخ مطلقا كما يقوله المصنف أن يقال بالوقف حتى يقال إن قتل المرتد تبينا أن بيعه لم يصح ، وإن عاد إلى الإسلام تبينا الصحة ، قال : ولم أر ذلك لأحد ( وأما ) على قول ابن سريج وابن أبي هريرة ، فإن كان علم بالردة لم يرجع بالأرش ، لأنها عيب رضي بها ، وإن لم يعلم رجع ، كتعذر الرد ، فيرجع بأرش العيب القديم كسائر العيوب ، فيتقوم مرتدا وغير مرتد ، ويرجع بما بينهما منسوبا من الثمن ، قال الأصحاب : فإن قيل : المرتد قتل لإقامته على الردة ، وذلك حادث في يد المشتري ( فالجواب ) أنه إنما قتل بالردة السابقة ; لأنه لو قتله إنسان قبل الاستبانة لم يضمنه فإقامته على الردة لم توجب القتل لكن استيفاء ما وجب عليه .




                                      الخدمات العلمية