الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن وهبه بغير عوض لم يرجع بالأرش ; لأنه لم ييأس من الرد )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) هذا هو الصحيح تفريعا على أن المعتبر اليأس ، أما إذا عللنا باستدراك الظلامة فيرجع بالأرش ; لأنه لم يستدرك ، ومنهم من حكى القطع هنا بعدم الرجوع إذا أريد أن العلة هي اليأس لاستدراك الظلامة ، وهذه الطريقة هي التي يشعر بها إيراد المصنف ، وبين ذلك أن القاضي أبا الطيب جزم بعدم الرجوع ، وعلله بعدم اليأس كما فعل المصنف ثم قال : والتعليل الذي ذكره أبو إسحاق وهو استدراك الظلامة غير موجود ههنا ، وإذا كان كذلك دل على أن هذا التعليل هو الصحيح دون ما قاله أبو إسحاق . وكذلك الشيخ أبو حامد قال قوم من هذا الكلام . والروياني صرح في البحر بأن أبا إسحاق وافقنا على [ ص: 539 ] عدم الأرش هنا ، واستدل بذلك على بطلان علته ، لكن المحاملي صرح بأنه على تعليل أبي إسحاق له الأرش ; لأنه لم يستدرك الظلامة ، والماوردي أيضا صرح بالوجهين على مقتضى التعليلين . وحكى الروياني ذلك عن بعض الأصحاب . وهذه الطريقة أقوم إلا أن يكون أبو إسحاق صرح النقل عنه بذلك فيلزمه . وهاتان الطريقتان على القول المشهور أنه إذا باع لا يرجع بالأرش ، أما على ما خرجه ابن سريج من أنه يرجع فيرجع ههنا أيضا . كذلك صرح به الرافعي ( تنبيه ) الهبة قد يسمى فيها عوض ، ولا شك أن حكمها حكم البيع كما تقدم والهبة التي لا يسمى فيها عوض لنا في اقتضائها الثواب قولان . ( فإن قلنا ) لا تقتضي الثواب اتجه ما قاله المصنف ، والتفريع المذكور من الأصحاب ( وإن قلنا ) تقتضي الثواب فهي بمنزلة البيع . كذلك قاله القاضي أبو الطيب والمحاملي والماوردي خرجوا ذلك على الخلاف المذكور ، ولم يقولوا كما قال المصنف : إما أن تكون بعوض أو لا . والشيخ أبو حامد فعل كما فعله المصنف ، فلك في كلام المصنف طريقان . إما أن تقول : إنا إذا قلنا باقتضاء الهبة المطلقة الثواب صارت بعوض ، فدخلت في قوله الأول : إن الهبة بعوض ولم تدخل في قوله ههنا بغير عوض ، وأما أن تقول : إن قوله ههنا مفرع على المذهب في عدم اقتضاء الهبة الثواب . ( فرع ) قال صاحب التهذيب : قال بعض أصحابنا : لو كان وهبه من ابنه فلا يرجع ، لأنه يمكنه أن يرجع في الهبة ثم يرد كما لو لم يخرج عن ملكه ، قال : والصحيح أنه خارج عن ملكه ( قلت ) يعني أن بعض أصحابنا أشار إلى أنه لا يرجع بالأرش قولا واحدا ولا يخرج على المعنيين ، والصحيح أنه يخرج عليهما فلا يرجع على الصحيح ، ويرجع على قول أبي إسحاق ، وسنزيد لك أن للقطع [ ص: 540 ] في هذه المسألة مأخذا آخر ، ويصلح ذلك أن يكون جوابا لأبي إسحاق عن اعتراض الأصحاب عائد بهذه المسألة ، لكن في صورة واحدة .




                                      الخدمات العلمية