الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
مطلب : هل يكفي في التوبة من الغيبة الاستغفار للمغتاب أم لا بد من الاستحلال .
( تنبيه ) : لا خلاف في تحريم الغيبة والنميمة . قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : اتفقوا على تحريم الغيبة والنميمة في غير النصيحة الواجبة . انتهى ، يعني سوى ما قدمنا ، وهل هما من الكبائر أو من الصغائر ، المعتمد أنهما من الكبائر .
قال في الإنصاف عن الناظم : وقد قيل صغرى غيبة ونميمة وكلتاهما كبرى على نص nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فتجب التوبة منهما واستحلال من اغتابه أو بهته أو جبهه بأن واجهه بما يكره أو نم عليه ما لم يترتب على ذلك فتنة فيتوب ويستغفر له وللمغتاب بأن [ ص: 114 ] يقول اللهم اغفر لي أو لنا وله كما ورد في الحديث .
قال الإمام ابن القيم في كتابه الكلم الطيب : يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم { إن من كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته تقول اللهم اغفر لنا وله } ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الدعوات وقال في إسناده ضعف . قال ابن القيم : وهذه المسألة فيها قولان للعلماء هما روايتان عن الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وهما nindex.php?page=treesubj&link=19024هل يكفي في التوبة من الغيبة الاستغفار للمغتاب أم لا بد من إعلامه وتحلله .
قال والصحيح أنه لا يحتاج إلى إعلامه بل يكفيه الاستغفار له وذكره بمحاسن ما فيه في المواطن التي اغتابه فيها . وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره . قال والذين قالوا لا بد من إعلامه جعلوا الغيبة كالحقوق المالية ، والفرق بينهما ظاهر ، فإن في الحقوق المالية ينتفع المظلوم بعود نظير مظلمته إليه ، فإن شاء أخذها وإن شاء تصدق بها .
وأما في الغيبة فلا يمكن ذلك ولا يحصل له بإعلامه إلا عكس مقصد الشارع ، فإنه يوغر صدره ويؤذيه إذا سمع ما رمي به ، ولعله يهيج عداوته ولا يصفو له أبدا . وما كان هذا سبيله فالشارع الحكيم لا يبيحه ولا يجيزه ، فضلا عن أن يوجبه ويأمر به . ومدار الشريعة على تعطيل المفاسد وتقليلها لا على تحصيلها وتكميلها . انتهى . وهو كما ترى في غاية التحقيق والله ولي التوفيق .
( تتمة ) ذكر القرطبي عن قوم أن الغيبة إنما تكون في الدين لا في الخلقة والحسب ، وأن قوما قالوا عكس هذا ، وأن كلا منهما خلاف الإجماع ، لكن قيد الإجماع في الأول إذا قاله على وجه العيب ، وأنه لا خلاف أن الغيبة من الكبائر . قال في الآداب الكبرى وفي الفصول والمستوعب : أن الغيبة والنميمة من الصغائر . انتهى .
وقد علمت أنهما من الكبائر وجزم بذلك في الإقناع . .