الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( ولا يجوز بيع خبزه بخبزه ، لأن ما فيه من الماء والملح يمنع من العلم بالتماثل فمنع جواز العقد ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) : المراد الخبز بالخبز إذا كانا لينين ، فلا يجوز ، قال الشيخ أبو حامد : بلا خلاف على المذهب لما ذكره المصنف ، ولأن أصل ذلك الكيل ولا يمكن اعتبار الكيل فيه . وافق الأصحاب على ذلك القاضي أبو الطيب والمحاملي والماوردي والقاضي حسين والرافعي . وممن وافق الشافعي على ذلك عبيد الله بن الحسن نقله ابن المنذر ، ونقل عن مالك أنه إذا تحرى أن يكون مثلا بمثل فلا بأس به ، وإن لم يوزن . وبه قال الأوزاعي وأبو ثور ، وحكى عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه لا بأس به قرصا بقرصين . ولذلك إذا كان أحدهما لينا والآخر يابسا لا يجوز أيضا ، وممن صرح به ابن الصباغ في الشامل والجرجاني في البلغة والشافي ، ولك أن تدرجه في كلام المصنف رحمه الله تعالى فإنه أطلق المنع في الخبز بالخبز . ثم ذكر بعد هذا الخلاف في الجافين خاصة كما سيأتي ، فكان ما سوى ذلك مندرجا في كلامه ، والله أعلم . وعن أحمد أنه يجوز بيع الخبز بالخبز متماثلين ، لأن معظم منفعتهما في حال رطوبتهما ، فصار كاللبن باللبن ، وفرق أصحابنا بالتفاوت في حال الكمال والادخار ، فإنه موجود في الخبز بخلاف اللبن ، ولو كان الخبزان من جنسين جاز يدا بيد ; صرح به الصيمري في الكفاية والماوردي في الحاوي ، ولم يلاحظا ما فيه من الماء والملح لاستهلاكه ، وليس ذلك من [ ص: 415 ] صورة مد عجوة الممتنعة كما تقدم التنبيه عليه أنه إذا بيع الشيء بغير جنسه كالقمح بالشعير وفي كل منهما حبات من الآخر لا تقصد يصح ، وإن كان ذلك مؤثرا في التماثل ، وحكى ابن الرفعة عن القاضي حسين أن الأصح الصحة ولا مبالاة بما فيهما من الماء والملح ، لأن ذلك مستهلك فيهما ، قال ابن الرفعة : وهذا الخلاف الذي اقتضاه كلام القاضي لا وجه له ، والصواب الجزم ، كما في القمح بالشعير إذا كان في كل منهما شيء لا يقصد من الآخر والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية