الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
طبقات الرواة


992 . وللرواة طبقات تعرف بالسن والأخذ ، وكم مصنف      993 . يغلط فيها ، وابن سعد صنفا
فيها ولكن كم روى عن ضعفا

التالي السابق


من المهمات معرفة طبقات الرواة ; فإنه قد يتفق اسمان في اللفظ ، فيظن أن أحدهما الآخر ، فيتميز ذلك بمعرفة طبقتيهما ، إن كانا من طبقتين ، فإن كانا من طبقة واحدة فربما أشكل الأمر ، وربما عرف ذلك بمن فوقه ، أو دونه من الرواة ، فربما كان أحد المتفقين في الاسم لا يروي عمن روى عنه الآخر ، فإن اشتركا في الراوي الأعلى وفيمن روى عنهما ، فالإشكال حينئذ أشد . وإنما يميز ذلك أهل الحفظ والمعرفة .

ويعرف كون الراويين أو الرواة من طبقة واحدة ، بتقاربهم في السن ، وفي الشيوخ الآخذين عنهم ، إما بكون شيوخ هذا هم شيوخ هذا أو تقارب شيوخ هذا من شيوخ هذا في الأخذ ، كما تقدمت الإشارة إلى نحو ذلك في رواية الأقران ، فإن مدلول الطبقة [ ص: 343 ] لغة : القوم المتشابهون ، وأما في الاصطلاح فالمراد : المتشابه في الأسنان ، والإسناد ، وربما اكتفوا بالمتشابه في الإسناد .

وبسبب الجهل بمعرفة الطبقات غلط غير واحد من المصنفين ، فربما ظن راويا راويا آخر غيره ، وربما أدخل راويا في غير طبقته . وقد تقدم لذلك أمثلة في أواخر معرفة التابعين .

وقد صنف في الطبقات جماعة ، فمنهم من اختصر ، كخليفة بن خياط ، ومسلم بن الحجاج ، ومنهم من طول كمحمد بن سعد في الطبقات الكبرى ، وله ثلاثة تصانيف في ذلك ، وكتابه الكبير كتاب جليل ، كثير الفائدة ، وابن سعد ثقة في نفسه ، وثقه أبو حاتم وغيره ، ولكنه كثير الرواية في الكتاب المذكور عن الضعفاء ، كمحمد بن عمر بن واقد الأسلمي الواقدي . ويقتصر كثيرا على اسمه واسم أبيه من غير نسب ، وكهشام بن محمد بن السائب الكلبي ، ونصر بن باب الخراساني في آخرين منهم . على أن أكثر شيوخه أئمة ثقات ، كسفيان بن عيينة ، وابن علية ، ويزيد بن هارون ، ومعن بن عيسى ، وهشيم ، وأبي الوليد الطيالسي ، وأبي أحمد الزبيري ، وأنس بن عياض ، وغيرهم ، ولكنه أكثر الرواية في الكتاب المذكور عن شيخيه الأولين .

ثم إنه قد يكون الراوي من طبقة ; لمشابهته لتلك الطبقة من وجه ، ومن طبقة أخرى غيرها ; لمشابهته لها من وجه آخر [ ص: 344 ] .

وأنس بن مالك ونحوه من صغار الصحابة من طبقة العشرة عند من عد الصحابة كلهم طبقة واحدة ، كابن حبان في الثقات لاشتراكهم في الصحبة وهو من طبقة أخرى دون طبقة العشرة ، عند من عد الصحابة طباقا ، والتابعين طباقا ، كابن سعد ، وقد تقدم في معرفة الصحابة أنهم اثنتا عشرة طبقة ، أو أكثر ، وتقدم في معرفة التابعين أنهم خمس عشرة طبقة ، والله أعلم .




الخدمات العلمية