الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم ذكر ما هو كالمستثنى من قوله عشر سنين بقوله ( وإنما تفترق الدار ) ونحوها من باقي العقار ولو عبر بالعقار لكان أحسن ( من غيرها ) كعرض ودواب ( في ) حيازة ( الأجنبي ) والمدعي حاضر ساكت بلا مانع من القيام بحقه ( ففي الدابة ) تستعمل في ركوب ونحوه ( و ) في ( أمة الخدمة ) تستخدم ( السنتان ) فلا كلام للمدعي الأجنبي بعدهما ولا تسمع له بينة ( ويزاد في عبد وعرض ) غير ثوب كأواني النحاس وأثاث البيت وآلات الزرع سنة على السنتين وأما ثوب اللبس فيكفي فيه العام وأما أمة الوطء توطأ بالفعل فتفوت بحصوله عالما ساكتا بلا عذر كما هو الموضوع وكذا البيع والهبة والصدقة إلا أن البيع يجري على بيع الفضولي ومفهوم قوله في الأجنبي أن الحيازة في الأقارب لا تفترق بين عقار وغيره فلا بد من الزيادة في الكل على الأربعين عاما وهو كذلك على قول ولكن الراجح أن العقار لا بد فيه من ذلك ولا يشترط فيه هدم ولا بناء إذ مثلهما الإجارة والإسكان وقطع الشجر وغرسه حيث كثر فإن لم يحصل شيء من ذلك فلا بد في الحيازة من زمن تهلك فيه البينة وينقطع فيه العلم وأما غير العقار من الدواب والعبيد والعروض التي تطول مدتها كالنحاس والبسط ونحوها تستعمل فيكفي فيها العشر سنين بخلاف ما لا تطول مدتها كالثياب تلبس فينبغي أقل من ذلك بالاجتهاد وهذا في غير العتق والهبة والصدقة ونحوها فإنها لا فرق فيها بين أجنبي وقريب كما مر إلا أنه في البيع لربه أخذ الثمن إن لم يمض عام فإن مضى فلا ثمن له أيضا إن كان حاضرا حين البيع فإن كان غائبا فله الرد بعد حضوره وعلمه ما لم يمض عام فإن مضى فليس له الرد وله أخذ الثمن ما لم تمض ثلاثة أعوام من البيع وإلا سقط حقه منه أيضا كذا ذكروا فتأمله وأما الديون الثابتة في الذمم [ ص: 237 ] فقيل يسقطها مضي عشرين عاما وهو قول مطرف وقيل مضي ثلاثين وقيل لا تسقط أصلا وقيل غير ذلك إلا أن القول بأنه يسقطها السنتان بعيد جدا وقد مر أن الأظهر في ذلك الاجتهاد بالنظر في حال الزمن وحال الناس وحال الدين فنحو عشر سنين أو أقل بالنسبة لبعض الناس تقتضي الأعضاء والترك ونحو الخمسة عشر قد لا تقتضي ذلك والله أعلم بالصواب

التالي السابق


( قوله في حيازة الأجنبي ) أي غير الشريك وأما الشريك فاستخدامه الرقيق وركوب الدابة لا يمنع من قيام شريكه ولو لعشر سنين كما مر وحينئذ فلا تكون حيازة الدابة وأمة الخدمة في حقه بالسنتين ( قوله تستعمل في ركوب ونحوه ) أي كالحرث والدرس والساقية والطاحون واحترز عن دابة لا تستعمل في شيء من ذلك كالجاموس فإنها كالعرض لا بد فيها من الزيادة على السنتين ( قوله ويزاد في عبد ) أي سواء كان لخدمة أو لغيرها كتجر ( قوله وأما أمة الوطء توطأ إلخ ) أي وأما إذا لم توطأ فهل تكون كأمة الخدمة لا بد في حيازتها من سنين أو يكفي فيها سنة لأنها مظنة حصول الوطء ( قوله وكذا البيع ) أي وكذا تفوت بالبيع إلخ ( قوله في الأقارب ) أي غير الأب وابنه وكذا الحيازة بين الأب وابنه لا تفترق من حيث المدة بين عقار أو غيره فلا بد من مضي نحو الستين سنة ( قوله لا تفترق ) أي من حيث المدة بين عقار وغيره أي وهو العروض والحيوان ( قوله ولا يشترط فيه ) أي في العقار أي لا يشترط في حيازته هدم أي التصرف بالهدم والبناء أي التصرف بخصوص ذلك ( قوله والإسكان ) أي وكذلك السكنى بنفسه والازدراع بنفسه ( قوله بالاجتهاد ) أي من الحاكم ( قوله وهذا في غير إلخ ) أي وهذا في التصرف بغير العتق بأن كان كالكراء أو باستعماله بنفسه ( قوله ونحوها ) أي كالبيع والكتابة والتدبير والوطء ( قوله إلا أنه في البيع إلخ ) أي وأما الهبة والصدقة والعتق والتدبير إذا حضر المالك مجلسها فسكت لم يكن له شيء وإن لم يحضر ثم علم فإن قام حينئذ [ ص: 237 ] كان له حقه من التخيير بين الإجازة والرد وإن قام بعد عام ونحوه من علمه فلا شيء له واختلف في الكتابة هل تحمل على العتق فيجري فيها ما جرى فيه أو تحمل على البيع فيقال فيها ما قيل فيه قولان ( قوله مضى عشرين عاما ) أي مع حضور ربها وتمكنه من الطلب بها وليس له ما يمنعه منه ( قوله وقيل مضى ثلاثين ) أي وهو قول مالك والمراد مضيها مع حضور ربها وتمكنه من الطلب بها ( قوله وقيل لا تسقط إلخ ) هذا هو الذي اختاره ابن رشد في البيان ونصه إذا تقرر الدين في الذمة وثبت فيها لا يبطل وإن طال الزمان وكان ربه حاضرا ساكتا قادرا على الطلب به لعموم خبر { لا يبطل حق امرئ مسلم وإن قدم } ا هـ واختار هذا القول التونسي والغبريني وفي المعيار سئل سيدي أبو عبد الله العبدوسي عمن له دين على رجل برسم وللرسم المذكور مدة نحو أربعين سنة ولم يدع المديان قضاءه وربه حاضر ساكت من غير مانع يمنعه من الطلب به فهل يبطل الدين بتقادم عهده أم لا فأجاب طول المدة المذكورة لا يبطل الدين عن المديان المذكور ولا خلاف في ذلك وإنما الخلاف إذا كان الدين برسم وطالت المدة جدا وادعى المديان قضاءه ولم يكن هناك ما يدل على عدم القضاء من غيبة أو إكراه أو إنكار أو غير ذلك فقيل يقبل قوله في القضاء مع يمينه وقيل لا يقبل وهو المشهور وإن كان بغير رسم فقيل يقبل قوله في القضاء مع طول المدة مع يمينه على المشهور ولا سيما إذا كان رب الدين محتاجا والذي عليه الدين مليا وكانا حاضرين وليس بينهما ما يمنع من الطلب ا هـ كلام المعيار .




الخدمات العلمية