الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 274 ] تلخيص المتشابه


937. ولهم قسم من النوعين مركب متفق اللفظين      938. في الاسم لكن أباه اختلفا
أو عكسه أو نحوه وصنفا      940. فيه الخطيب نحو موسى بن علي
وابن علي وحنان الأسدي

التالي السابق


هذا النوع يتركب من النوعين اللذين قبله، وهو: أن يتفق الاسمان في اللفظ والخط، ويفترقا في الشخص، ويأتلف أسماء أبويهما في الخط، ويختلفا في اللفظ، أو على العكس، بأن يأتلف الاسمان خطا، ويختلفا لفظا، ويتفق أسماء أبويهما لفظا، أو نحو ذلك، بأن يتفق الاسمان والكنيتان لفظا، وتختلف نسبتهما نطقا، أو تتفق النسبة لفظا، ويختلف الاسمان أو الكنيتان لفظا، وما أشبه ذلك. وقد صنف في ذلك الخطيب كتابه المسمى بتلخيص المتشابه، وهو من أحسن كتبه.

فمثال الأول : موسى بن علي ، وموسى بن علي .

فالأول : بفتح العين مكبرا ، وهم جماعة متأخرون ، ليس في الكتب الستة منهم أحد ، ولا في تاريخ البخاري ، ولا في كتاب ابن أبي حاتم ، إلا الثاني الذي فيه الخلاف ، منهم : موسى بن علي أبو عيسى الختلي ، وموسى بن علي أبو علي الصواف [ ص: 275 ] .

والثاني : بضم العين مصغرا ، وهو موسى بن علي بن رباح اللخمي المصري - أمير مصر - اشتهر بضم العين مصغرا ، وصحح البخاري ، وصاحب المشارق الفتح ، وروينا عن موسى ، قال : اسم أبي : علي ; ولكن بنو أمية قالوا : علي بن رباح ، وفي حرج من قال : علي . وروينا عنه أيضا قال : من قال موسى بن علي لم أجعله في حل . وروينا أيضا ذلك عن أبيه قال : لا أجعل أحدا في حل يصغر اسمي . وقال محمد بن سعد : "أهل مصر يفتحون ، وأهل العراق يضمون" . وقال الدارقطني : كان يلقب بعلي ، وكان اسمه عليا ، وقد اختلف في سبب تصغيره ، فقال أبو عبد الرحمن المقرئ : كانت بنو أمية إذا سمعوا بمولود اسمه علي ، قتلوه ، فبلغ ذلك رباحا ، فقال : هو علي ، وقال ابن حبان في الثقات : "كان أهل الشام يجعلون كل علي عندهم عليا لبغضهم عليا - رضي الله عنه - ، ومن أجله ما قيل لعلي بن رباح : علي بن رباح ، ولمسلمة بن علي : مسلمة بن علي " .

ومثال الثاني : وهو عكس الأول ، سريج بن النعمان ، وشريح بن النعمان ، وكلاهما مصغر [ ص: 276 ] .

فالأول : بالسين المهملة والجيم ، وهو سريج بن النعمان بن مروان اللؤلؤي البغدادي ، روى عنه البخاري ، وروى له أصحاب السنن ، تقدم ذكره في المؤتلف والمختلف .

والثاني : بالشين المعجمة ، والحاء المهملة : شريح بن النعمان الصائدي الكوفي - تابعي - له في السنن الأربعة حديث واحد عن علي بن أبي طالب .

ومثال الثالث : محمد بن عبد الله المخرمي ، ومحمد بن عبد الله المخرمي .

فالأول : بضم الميم ، وفتح الخاء المعجمة ، وكسر الراء المشددة ، نسبة إلى المخرم من بغداد ، وهو محمد بن عبد الله بن المبارك أبو جعفر القرشي البغدادي المخرمي الحافظ قاضي حلوان ، روى عنه البخاري ، وأبو داود والنسائي .

والثاني : محمد بن عبد الله المخرمي -بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الراء-المكي ، قال ابن ماكولا : لعله من ولد مخرمة بن نوفل ، روى عن الشافعي ، روى عنه عبد العزيز بن محمد بن الحسن بن زبالة ، ليس بالمشهور .

ومثال الرابع : أبو عمرو الشيباني ، وأبو عمرو السيباني .

فالأول : بفتح الشين المعجمة ، وسكون الياء المثناة من تحت بعدها باء موحدة وقبل ياء النسبة نون ، جماعة منهم : أبو عمرو سعيد بن إياس الشيباني الكوفي - تابعي مخضرم - وحديثه في الكتب الستة ، توفي سنة ثمان وتسعين [ ص: 277 ] .

وأبو عمرو الشيباني : هارون بن عنترة بن عبد الرحمن ، كوفي أيضا من أتباع التابعين ، حديثه في سنن أبي داود والنسائي . وهذا هو المعروف من أن كنيته أبو عمرو ، وكذا كناه يحيى بن سعيد ، وابن المديني ، وأحمد بن حنبل والبخاري والنسائي ، وأبو أحمد الحاكم ، والخطيب ، وغيرهم . وأما ما اقتصر عليه المزي من أن كنيته : أبو عبد الرحمن ، فوهم .

وأبو عمرو الشيباني النحوي اللغوي كوفي أيضا ، نزل بغداد ، اسمه : إسحاق بن مرار ، بكسر الميم ، عند عبد الغني بن سعيد ، وبفتحها عند الدارقطني ، وشدد بعضهم الراء على وزن عمار ، له ذكر في صحيح مسلم بكنيته فقط ، في تفسير حديث : "أخنع اسم عند الله ، رجل يسمى ملك الأملاك" ، توفي سنة عشر ومائتين .

والثاني : بفتح السين المهملة ، والباقي سواء ، وهو أبو عمرو السيباني - تابعي مخضرم أيضا - من أهل الشام ، اسمه زرعة ، وهو عم الأوزاعي ، ووالد يحيى بن أبي عمرو ، له عند البخاري في كتاب الأدب ، حديث واحد موقوف على عقبة بن عامر .

ومثال الخامس : حنان الأسدي ، وحيان الأسدي [ ص: 278 ] .

فالأول : بفتح الحاء المهملة ، والنون المخففة ، وآخره نون أيضا ، وهو حنان الأسدي ، من بني أسد بن شريك - بضم الشين - البصري . روى عن أبي عثمان النهدي حديثا مرسلا ، روى عنه حجاج الصواف ، ويعرف بصاحب الرقيق ، وهو عم مسرهد ، والد مسدد .

والثاني : حيان - بتشديد الياء المثناة من تحت ، والباقي سواء - ، وهو حيان بن حصين الأسدي الكوفي ، يكنى أبا الهياج -تابعي- له في صحيح مسلم حديث عن علي في الجنائز .

وحيان الأسدي شامي تابعي أيضا ، له في صحيح ابن حبان حديث عن واثلة ابن الأسقع ، ويعرف بحيان بن أبي النضر .

ومثال السادس : أبو الرجال الأنصاري ، وأبو الرحال الأنصاري .

فالأول : بكسر الراء ، وتخفيف الجيم ، اسمه محمد بن عبد الرحمن مدني ، روى عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن ، وغيرها ، حديثه في الصحيحين .

والثاني : بفتح الراء ، وتشديد الحاء المهملة ، بصري ، اسمه محمد بن خالد ، وقيل : خالد بن محمد ، له عند الترمذي حديث واحد ، عن أنس ، وهو ضعيف [ ص: 279 ] .

ومما يشبه هذه الأقسام : ابن عفير المصري ، وابن غفير المصري ، وكلاهما مصغر .

فالأول : بالعين المهملة ، سعيد بن كثير بن عفير ، أبو عثمان المصري ، وقد ينسب إلى جده ، روى عنه البخاري ، وروى مسلم عن واحد عنه .

والثاني : بالغين المعجمة ، اسمه الحسن بن غفير المصري ، قال الدارقطني :"متروك" ، وله أقسام أخر ، لا حاجة بنا إلى التطويل بها .

وقد أدخل فيه الخطيب ، وابن الصلاح ما لا يأتلف خطه ، كـ : ثور بن يزيد ، وثور بن زيد ، وعمرو بن زرارة ، وعمر بن زرارة . فلم أذكره ; لعدم الاشتباه في الغالب .




الخدمات العلمية