الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          كتاب القراءات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب في فاتحة الكتاب

                                                                                                          2927 حدثنا علي بن حجر أخبرنا يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته يقول الحمد لله رب العالمين ثم يقف الرحمن الرحيم ثم يقف وكان يقرؤها ملك يوم الدين قال أبو عيسى هذا حديث غريب وبه يقرأ أبو عبيد ويختاره وهكذا روى يحيى بن سعيد الأموي وغيره عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة وليس إسناده بمتصل لأن الليث بن سعد روى هذا الحديث عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك عن أم سلمة أنها وصفت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم حرفا حرفا وحديث الليث أصح وليس في حديث الليث وكان يقرأ ملك يوم الدين

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( يقطع قراءته ) زاد في رواية أبي داود آية آية أي يقف عند كل آية ( يقرأ الحمد لله رب العالمين ثم يقف الرحمن الرحيم ثم يقف ) هذا بيان لقوله يقطع قراءته ( وكان يقرؤها ) في بعض النسخ يقرأ بحذفها يوم الدين " على وزن كتف .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث غريب ) وأخرجه أبو داود وسكت عنه وزاد بسم الله الرحمن الرحيم قبل الحمد لله رب العالمين ، وقال بعد روايته وسمعت أحمد يقول القراءة القديمة مالك يوم الدين . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وبه يقرأ أبو عبيد ويختاره ) أبو عبيد هذا اسمه القاسم بن سلام بتشديد اللام البغدادي الإمام المشهور ثقة فاضل مصنف ، قاله الحافظ في التقريب . وقال : ولم أر له في الكتب حديثا مسندا بل أقواله في شرح الغريب . انتهى . وذكر في تهذيب التهذيب ترجمته مبسوطة . وقال السيوطي في الإتقان : أول من صنف في القراءة أبو عبيد القاسم بن سلام . انتهى . وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره : قرأ بعض القراء " ملك يوم الدين " وقرأ آخرون مالك وكلاهما صحيح متواتر في السبع ويقال ملك بكسر اللام وبإسكانها ، ويقال مليك أيضا ،

                                                                                                          وأشبع نافع كسرة الكاف فقرأ [ ص: 199 ] " ملكي يوم الدين " وقد رجح كلا من القراءتين مرجحون من حيث المعنى وكلاهما صحيحة حسنة . ورجح الزمخشري " ملك " لأنها قراءة أهل الحرمين ، ولقوله لمن الملك اليوم و قوله الحق وله الملك وحكي عن أبي حنيفة أنه قرأ : " ملك يوم الدين " على أنه فعل وفاعل ومفعول وهذا شاذ غريب جدا وقد روى أبو بكر بن أبي داود في ذلك شيئا غريبا حيث قال حدثنا أبو عبد الرحمن الأزدي حدثنا عبد الوهاب بن عدي بن الفضل عن أبي المطرف عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابنه يزيد بن معاوية كانوا يقرءون مالك يوم الدين قال ابن شهاب وأول من أحدث " ملك " مروان .

                                                                                                          قلت : مروان عنده علم بصحة ما قرأه لم يطلع عليه ابن شهاب والله أعلم . وقد روي من طرق متعددة أوردها ابن مردويه أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقرؤها : مالك يوم الدين انتهى كلام الحافظ ابن كثير . وقال البغوي : قرأ عاصم والكسائي ويعقوب مالك وقرأ الآخرون " ملك " قال قوم معناهما واحد مثل فرهين وفارهين وحذرين وحاذرين . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وليس إسناده بمتصل لأن الليث بن سعد روى هذا الحديث عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك عن أم سلمة ) فزاد الليث بين ابن أبي مليكة وأم سلمة يعلى بن مملك فعلم أن حديث يحيى بن سعيد الأموي وغيره بدون ذكر يعلى بن مملك بينهما منقطع ( وحديث الليث أصح ) أي من حديث يحيى بن سعيد الأموي وغيره عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة . قلت : صرح الحافظ في تهذيب التهذيب أن ابن أبي مليكة روى عن أسماء وعائشة وأم سلمة ، وفي البخاري قال ابن أبي مليكة : أدركت ثلاثين من الصحابة . فيجوز أن ابن أبي مليكة كان يروي الحديث أولا عن يعلى عن أم سلمة ثم لقيها فسمعه منها فروى عنها بلا واسطة ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                          قوله : ( أخبرنا أيوب بن سويد الرملي ) أبو مسعود الحميري الشيباني صدوق يخطئ ، كذا في التقريب . وقال المنذري وأيوب بن سويد هذا : قال عبد الله بن المبارك : ارم به وضعفه غير واحد . انتهى . [ ص: 200 ] قوله : ( كانوا يقرءون مالك يوم الدين ) أي بالألف بعد الميم على وزن فاعل .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث غريب ) في سنده أيوب بن سويد وضعفه غير واحد كما عرفت . وقال البخاري يتكلمون فيه ( وقد روى بعض أصحاب الزهرى هذا الحديث عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم إلخ ) يعني رواه بعض أصحاب الزهري مرسلا ( وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن النبي إلخ ) هذا أيضا مرسل وهذا المرسل أخرجه أبو داود في سننه ثم قال هذا أصح من حديث الزهري عن أنس والزهري عن سالم عن أبيه . انتهى . يعني : حديث الزهري المرسل أصح من حديث الزهري عن أنس المتصل ومن حديث الزهري عن سالم عن أبيه المتصل ، وحديث الزهري عن سالم عن أبيه أخرجه الدارقطني في الأفراد قاله المنذري . وفي الدر المنثور : وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي داود في المصاحف من طريق سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقرءون مالك يوم الدين وأخرج الطبراني في معجمه الكبير عن ابن مسعود أنه قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك يوم الدين بالألف . وأخرج وكيع والفريابي وأبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر من طرق عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ مالك يوم الدين بالألف . وأخرج وكيع والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي داود عن أبي هريرة أنه كان يقرؤها مالك يوم الدين بالألف .



                                                                                                          الخدمات العلمية