الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء

924. وانسب حزاميا سوى من أبهما فاختلفوا والحارثي لهما      925. وسعد الجاري فقط وفي النسب
همدان وهو مطلقا قدما غلب

التالي السابق


ومن ذلك: الحزامي، والحرامي .

فالأول: بكسر الحاء المهملة، وبالزاي، منهم: إبراهيم بن المنذر الحزامي، والضحاك بن عثمان الحزامي، وغيرهما. وقال ابن الصلاح : "إنه حيث وقع فيهما، فهو بالزاي غير المهملة". انتهى.

وقولي: ( سوى من أبهما فاختلفوا )، هو من الزيادات على ابن الصلاح، أي: سوى من وقع في الصحيح وأبهم اسمه، فلم يسم بل فيه فلان الحزامي، فإن فيه خلافا، وذلك في صحيح مسلم في أواخر الكتاب في حديث أبي اليسر، قال: كان لي على فلان بن فلان الحزامي مال، فأتيت أهله ... الحديث. وقد اختلفوا في ضبط هذه النسبة، فرواه أكثر الرواة -كما قال القاضي عياض - بحاء مهملة مفتوحة وراء، وعند الطبري : الحزامي –بكسرها، وبالزاي-. وعند ابن ماهان : الجذامي -بضم الجيم، وذال معجمة-. وقال ابن الصلاح في حاشية أملاها على كتابه: لا يرد هذا; لأن المراد بكلامنا المذكور ما وقع من ذلك في أنساب الرواة. وكذا قال النووي في كتاب [ ص: 255 ] الإرشاد. وهذا ليس بجيد; لأن ابن الصلاح وتبعه النووي ذكرا في هذا القسم غير واحد ليس لهم في الصحيح ولا في الموطأ رواية، بل مجرد ذكر، كما تقدم إيضاحه في هذا الفصل; فلذلك استثنيته.

والثاني: بفتح الحاء المهملة والراء، وهو فلان بن فلان الحرامي المتقدم على رواية الأكثرين. وعد أبو علي الجياني في هذا القسم من ينسب إلى بني حرام من الأنصار، منهم: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الحرامي، وجماعة سواهم، كذا ذكر أبو علي، وفيه نظر، فإني لا أعلم في واحد من الصحيحين ورود هذه النسبة عند ذكره; وإنما يذكر أسماءهم غير منسوبة، فلذلك لم أستدركه على ابن الصلاح . وقد ذكر صاحب المشارق فيما يشتبه بهذه المادة الجذامي -بضم الجيم، وبالذال المعجمة- فذكر فروة بن نعامة الجذامي، وهو الذي أهدى للنبي -صلى الله عليه وسلم- بغلة، وقد لا يلتبس، فلهذا لم أذكره.

ومن ذلك: الحارثي، والجاري .

فالأول: بالحاء المهملة، وكسر الراء، بعدها ثاء مثلثة، وهو جميع ما وقع من ذلك في الصحيحين، منهم: أبو أمامة الحارثي، صحابي له رواية عند مسلم في كتاب الإيمان -بكسر الهمزة- في حديث: " من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه " ... الحديث.

والثاني: الجاري –بالجيم، وبعد الراء ياء النسبة- وهو: سعد الجاري. روى له مالك في الموطأ، عن زيد بن أسلم، عن سعد الجاري مولى عمر بن الخطاب، سألت ابن عمر عن الحيتان يقتل بعضها بعضا ... الحديث. قال صاحب المشارق: ينسب إلى جده. وقال ابن الصلاح : "منسوب إلى الجار مرفأ السفن بساحل المدينة" . انتهى. والمرفأ: -بضم الميم، وإسكان الراء، وفتح الفاء، مهموز مقصور، قال [ ص: 256 ] الجوهري : "أرفأت السفينة: قربتها من الشط. قال: وذلك الموضع مرفأ". وقال الذهبي في مشتبه النسبة: "الجار: موضع بالمدينة".

وذكر أبو علي الجياني فيما يشتبه بهذه المادة الخارفي -بالخاء المعجمة، وبالفاء مكان الياء- منهم: عبد الله بن مرة الخارفي، وقد لا يلتبس.

ومن ذلك: الهمداني، والهمذاني .

فالأول: بإسكان الميم وإهمال داله، وهم المنسوبون إلى قبيلة همدان، وهو جميع ما في الموطأ والصحيحين. قال ابن الصلاح : "وليس فيها الهمذاني بالذال المنقوطة". قال صاحب المشارق: لكن فيهما من هو من مدينة همذان ببلاد الجبل، إلا أنه غير منسوب في شيء من هذه الكتب. قال: إلا أن في البخاري : مسلم بن سالم الهمداني، ضبطه الأصيلي بسكون الميم، بخط يده، وهو في الصحيح، قال: ووجدته في بعض النسخ للنسفي -بفتح الميم وذال معجمة- وهو وهم، وإنما نسبه: نهدي، ويعرف بالجهني; لأنه كان نازلا فيهم. انتهى. وهذا الاسم وقع عند البخاري في كتاب الأنبياء في ذكر إبراهيم في حديث كعب بن عجرة : " ألا أهدي لك هدية؟ "، وفيه: حدثنا أبو فروة مسلم بن سالم الهمداني، قال الجياني : وأراه وهما، قال أحمد بن حنبل : أبو فروة الهمداني، اسمه عروة، وأبو فروة النهدي، اسمه مسلم بن سالم . قال: وكان ابن مهدي لا يفصل بين هذين. وهذا اللفظ في الجملة وقع في البخاري على الوهم، وليس بهمداني على الوجهين معا، وقد ذكر ابن أبي خيثمة حديث البخاري هذا، فقال: فيه أبو فروة الجهني، وهو الصواب، والله أعلم.

والثاني: بفتح الميم وبالذال المعجمة، قال أبو علي الجياني : منهم: أبو أحمد المرار بن حمويه الهمذاني، يقال: إن البخاري حدث عنه عن أبي غسان في كتاب الشروط. انتهى [ ص: 257 ] .

قلت: ليس في جميع نسخ البخاري ذكر نسبه، والذي في أكثر الروايات: حدثنا أبو أحمد، لم يزد على كنيته. وفي رواية أبي ذر : حدثنا أبو أحمد مرار ابن حمويه، ويؤكد كونه المرار بن حمويه، أن موسى بن هارون الحمال، روى هذا الحديث عن مرار بن حمويه، عن أبي غسان محمد بن يحيى، كرواية البخاري، وقد قيل: إن أبا أحمد غير المرار، فالله أعلم. قال ابن ماكولا : "والهمداني في المتقدمين بسكون الميم أكثر، وبفتح الميم في المتأخرين أكثر". قال ابن الصلاح : "وهو كما قال". وإليه أشرت بقولي: ( وهو مطلقا قدما غلب ) أي: غلب همدان بالسكون في المتقدمين. وقولي: ( مطلقا ) أي: من غير تقييد بالصحيحين والموطأ، والله أعلم. وقال الذهبي في مشتبه النسبة: "والصحابة، والتابعون، وتابعوهم، من القبيلة، وأكثر المتأخرين من المدينة. قال: ولا يمكن استيعاب هؤلاء، ولا هؤلاء".

وقرأت بخطه أن شيرويه -يعني: ابن شهردار الديلمي - أدخل في تاريخ همذان له خلقا من القبيلة وهما. قلت: ومما خرج عن الغالب: أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الهمداني، فهو متأخر -بالسكون- وأبو الفضل محمد بن محمد بن عطاف الهمداني، بعد الخمسمائة، وجعفر بن علي الهمداني، وعلي بن عبد الصمد السخاوي الهمداني، وعبد الحكم بن حاتم الهمداني، وعبد المعطي بن فتوح الهمداني، أربعتهم من أصحاب السلفي، وأبو إسحاق بن أبي الدم الهمداني، قاضي حماة، ومنصور بن سليم الهمداني، الحافظ المعروف بابن العمادية، وآخرون .




الخدمات العلمية