الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن نذر أن يركب إلى بيت الله الحرام فمشى لزمه دم لأنه ترفه بترك مؤنة المركوب ، وإن نذر المشي إلى بيت الله تعالى لا حاجا ولا معتمرا ففيه وجهان ( أحدهما ) لا ينعقد نذره ، لأن المشي في غير نسك ليس بقربة فلم ينعقد كالمشي إلى غير البيت ( والثاني ) ينعقد نذره ويلزمه المشي بحج أو عمرة ، لأنه بنذر المشي لزمه المشي بنسك ثم رام إسقاطه فلم يسقط ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) فيه مسألتان ( إحداهما ) إذا نذر الحج راكبا ، فإن قلنا : المشي أفضل ( أو قلنا ) هو والركوب سواء ، فهو مخير إن شاء ركب وإن شاء مشى . وإن قلنا : الركوب أفضل لزمه الوفاء به ، فإن مشى فقد أطلق المصنف أن عليه دما قال صاحب البيان : هذا هو المشهور في المذهب . قال : وفيه وجه حكاه صاحب الفروع أنه لا دم عليه ، لأنه أشق من الركوب . وقال أصحابنا الخراسانيون : إن قلنا : المضي أفضل ، أو قلنا : هما سواء فلا دم وإن قلنا بالمذهب إن الركوب أفضل لزمه الدم ، هكذا قطعوا [ ص: 496 ] به . قال البغوي : وعندي أنه لا دم لأنه أشق ، وكيف كان فالمذهب وجوب الدم ، والله أعلم .

                                      ( الثانية ) إذا نذر المشي إلى الكعبة لا حاجا ولا معتمرا ، ففي انعقاد نذره وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما ( أصحهما ) ينعقد ، وممن صرح بتصحيحه الفارقي وغيره ، وعلى هذا يلزمه قصد الكعبة بحج أو عمرة على الصحيح وفيه خلاف سبق في فصل من نذر صلاة في مسجد . قال الشيخ أبو حامد : يشبه أن يكون هذان الوجهان مأخوذين من القولين فيمن نذر المشي إلى مسجد المدينة أو المسجد الأقصى ، لأن المشي هناك لا يتضمن النسك فكذا هنا إذا صرح بترك النسك . قال ابن الصباغ : هذا فاسد لأنا إذا قلنا بصحة النذر هنا لزمه المشي بنسك بخلاف المشي إلى مسجد المدينة والأقصى والله أعلم .

                                      ( فرع ) إذا نذر أن يحج حافيا لزمه الحج ولا يلزمه الحفاء : بل له أن يلبس النعلين في الإحرام ويلبس قبل الإحرام النعلين والخفين وما يشاء ، ولا فدية بلا خلاف ، لأنه ليس بقربة ولا ينعقد نذره .




                                      الخدمات العلمية