الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      [ ص: 406 ] باب العقيقة قال المصنف رحمه الله تعالى العقيقة سنة وهو ما يذبح عن المولود . لما روى بريدة { أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين عليهما السلام } ولا يجب ذلك . لما روى عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم { سئل عن العقيقة فقال : لا أحب العقوق ، ومن ولد له ولد فأحب أن ينسك له فليفعل } فعلق على المحبة ، فدل على أنها لا تجب . ولأنه إراقة دم من غير جناية ولا نذر . فلم يجب كالأضحية . والسنة أن يذبح عن الغلام شاتين ، وعن الجارية شاة لما روت أم كرز قالت : { سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة ، فقال : للغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة } ولأنه إنما شرع للسرور بالمولود ، والسرور بالغلام أكثر ، فكان الذبح عنه أكثر . وإن ذبح عن كل واحد منهما شاة جاز ، لما روى ابن عباس رضي الله عنه قال { عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين عليهما السلام كبشا كبشا } ولا يجزئ فيه ما دون الجذعة من الضأن ودون الثنية من المعز ، ولا يجزئ فيه إلا السليم من العيوب ; لأنه إراقة دم بالشرع فاعتبر فيه ما ذكرناه كالأضحية .

                                      والمستحب أن يسمي الله تعالى ويقول : اللهم لك وإليك عقيقة فلان ، لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم { عق عن الحسن والحسين وقال : قولوا بسم الله اللهم لك وإليك عقيقة فلان } والمستحب أن يفصل أعضاءها ولا يكسر عظمها ، لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت " السنة شاتان مكافئتان عن الغلام وعن الجارية شاة تطبخ جدولا ولا يكسر عظم " ويأكل ويطعم ويتصدق ، وذلك يوم السابع ، ولأنه أول ذبيحة فاستحب أن لا يكسر عظم ، تفاؤلا بسلامة أعضائه . ويستحب أن يطبخ من لحمها طبيخا حلوا تفاؤلا بحلاوة أخلاقه . ويستحب أن يأكل منها ويهدي ويتصدق لحديث عائشة ، ولأنه إراقة دم مستحب فكان حكمها ما ذكرناه كالأضحية . والسنة أن يكون ذلك في اليوم السابع ، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت { عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين عليهما السلام يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رءوسهما الأذى } فإن قدمه على اليوم السابع أو [ ص: 407 ] أخره أجزأه ; لأنه فعل ذلك بعد وجود السبب . والمستحب أن يحلق شعره بعد الذبح لحديث عائشة ، ويكره أن يترك على بعض رأسه الشعر لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع في الرأس } ، والمستحب أن يلطخ رأسه بالزعفران ، ويكره أن يلطخ بدم العقيقة ، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت { كانوا في الجاهلية يجعلون قطنة في دم العقيقة ويجعلونها على رأس المولود فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعلوا مكان الدم خلوقا } . .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث بريدة رواه النسائي بإسناد صحيح . وأما حديث { لا أحب العقوق } فرواه أبو داود والبيهقي من طريقين عن عمرو بن شعيب عن أبيه ، قال الراوي : أراه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه البيهقي أيضا من رواية رجل من بني ضمرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذان الإسنادان ضعيفان كما ترى ، وقال البيهقي : إذا ضم هذا إلى الأول قويا . وأما حديث أم كرز فصحيح رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي : هو حديث صحيح . هكذا قاله . وفي إسناده عبيد الله بن يزيد وقد ضعفه الأكثرون ، فلعله اعتضد عنده فصححه ، وقد صح هذا المتن من رواية عائشة رواه الترمذي وغيره ، قال الترمذي : حديث حسن صحيح . وأما حديث ابن عباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا } فرواه أبو داود بإسناد صحيح . وأما حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم { عق عن الحسن والحسين وقال : قولوا باسم الله والله أكبر ، اللهم لك ، هذه عقيقة فلان } فرواه البيهقي بإسناد حسن وأما حديثها الآخر في طبخها جدولا فغريب . ورواه البيهقي من كلام عطاء بن رباح . وأما حديثها الآخر { عق عن الحسن والحسين يوم السابع ، وأمر أن يماط عن رأسيهما الأذى } فرواه البيهقي بإسناد حسن وهو بعض من الحديث السابق قريبا [ ص: 408 ] عن رواية البيهقي بإسناد حسن ، وهو حديث { باسم الله والله أكبر إلى آخره } وأما حديث ابن عمر في النهي عن القزع فرواه البخاري ومسلم في صحيحيهما وأما حديث عائشة قالت { كانوا في الجاهلية يجعلون قطنة } إلى آخره . فرواه البيهقي بإسناد صحيح ( وأما لغات الفصل وألفاظه ) فالعقيقة مشتقة من العق وهو القطع .

                                      قال الأزهري في التهذيب : قال أبو عبيد : قال الأصمعي وغيره : العقيقة أصلها الشعر الذي يكون على رأس الولد حين يولد ، وإنما سميت الشاة التي تذبح عنه في ذلك الوقت عقيقة ; لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح . ولهذا قال في الحديث { أميطوا عنه الأذى } ويعني بالأذى ذلك الشعر الذي يحلق عنه . قال : وهذا من تسمية الشيء باسم ما كان معه أو من سببه . قال أبو عبيدة : وكذلك كل مولود من البهائم فإن الشعر الذي يكون عليه حين يولد يسمى عقيقة وعقة وعقيقا . قال الأزهري : وأصل العق الشق وسمي الشعر المذكور عقيقة ; لأنه يحلق ويقطع . وقيل للذبيحة عقيقة ; لأنها تذبح أي يشق حلقومها ومريئها وودجاها كما قيل لها ذبيحة من الذبح وهو الشق . قال صاحب المحكم : يقال منه : عق عن ولده يعق - بكسر العين وضمها - إذا حلق عقيقته وهي شعره ، أو ذبح عنه شاة . وأما حديث : " لا أحب العقوق " فقال : إن معناه كراهة الاسم ، وسماها نسيكة وهو معنى قوله في تمام الحديث " فأحب أن ينسك " يقال ينسك - بضم السين وكسرها - ( قوله ) ولأنه إراقة دم من غير جناية : احتراز من جزاء الصيد وقتل الزاني والمحصن .

                                      ( قوله ) لما روت أم كرز هي - بكاف مضمومة ثم راء ساكنة ثم زاي - وهي صحابية كعبية خزاعية مكية ( قوله صلى الله عليه وسلم ) " شاتان مكافئتان " أي متساويتان وهو - بكسر الفاء وبهمزة بعدها - [ ص: 409 ] هكذا صوابه عند أهل اللغة وممن صرح به الجوهري في صحاحه قال : ويقوله المحدثون مكافأتان يعني بفتح الفاء والصحيح كسرها .

                                      ( وقوله ) ; لأنه إراقة دم بالشرع احتراز ممن نذر وذبح دون سن الأضحية أو معينة ، فإنه يصح ويلزمه ( وقوله ) تطبخ جدولا هو - بضم الجيم والدال المهملة - وهي الأعضاء واحدها جدل - بفتح الجيم وإسكان الدال ( قوله ) إراقة دم مستحب احتراز من دم جزاء الصيد وجبرانات الحج والأضحية الواجبة " وإماطة الأذى " إزالته ، والمراد بالأذى الشعر الذي عليه ذلك الوقت ، ; لأنه شعر ضعيف " والخلوق " - بفتح الخاء - وهو طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة والله أعلم .

                                      ( أما الأحكام ) ففيه مسائل ( إحداها ) العقيقة مستحبة وسنة متأكدة للأحاديث المذكورة ( الثانية ) السنة أن يعق عن الغلام شاتين ، وعن الجارية شاة ، فإن عق عن الغلام شاة حصل أصل السنة ، لما ذكره المصنف ، ولو ولد له ولدان فذبح عنهما شاة لم تحصل العقيقة ، ولو ذبح بقرة أو بدنة عن سبعة أولاد أو اشترك فيها جماعة جاز ، سواء أرادوا كلهم العقيقة أو أراد بعضهم العقيقة وبعضهم اللحم كما سبق في الأضحية .



                                      ( الثالثة ) المجزئ في العقيقة هو المجزئ في الأضحية ، فلا تجزئ دون الجذعة من الضأن ، أو الثنية من المعز والإبل والبقر ، هذا هو الصحيح المشهور وبه قطع الجمهور ، فيه وجه حكاه الماوردي وغيره أنه يجزئ دون جذعة الضأن وثنية المعز ، والمذهب الأول . قال المصنف والأصحاب : ويشترط سلامتها من العيوب التي يشترط سلامة الأضحية منها اتفاقا واختلافا ، ولا اختلاف في اشتراط هذا ، إلا أن الرافعي قال : أشار صاحب العدة إلى وجه مسامح بالعيب هنا ، وأما الأفضل ففيه وجهان ( أصحهما ) البدنة ثم البقرة ثم جذعة الضأن ثم ثنية [ ص: 410 ] المعز كما سبق في الأضحية ( والثاني ) الغنم أفضل من الإبل والبقر ، للحديث السابق " عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة " ولم ينقل في الإبل والبقر شيء والمذهب الأول . .



                                      ( الرابعة ) يستحب أن يسمي الله عند ذبح العقيقة ثم يقول " اللهم لك وإليك عقيقة فلان " ويشترط أن ينوي عند ذبحها أنها عقيقة كما قلنا في الأضحية ، فإن كان جعلها عقيقة قبل ذلك فهل يحتاج إلى تجديد النية عند الذبح ؟ فيه الخلاف السابق في الأضحية والهدي " والأصح أنه يحتاج . .



                                      ( الخامسة ) يستحب أن تفصل أعضاؤها ولا يكسر شيء من عظامها ، لما ذكره المصنف ، فإن كسر فهو خلاف الأولى ، وهل هو مكروه كراهة تنزية فيه وجهان ( أصحهما ) لا ، ; لأنه لم يثبت فيه نهي مقصود . .



                                      ( السابعة ) قال جمهور أصحابنا : يستحب أن لا يتصدق بلحمها نيئا بل يطبخه وذكر الماوردي أنا إذا قلنا بالمذهب : إنه لا تجزئ دون الجذعة والثنية وجب التصدق بلحمها نيئا . وكذا قال إمام الحرمين إن أوجبنا التصدق بمقدار من الأضحية والعقيقة وجب تمليكه نيئا ، والمذهب الأول ، وهو أنه يستحب طبخه وفيما يطبخ به وجهان .

                                      ( أحدهما ) بحموضة ، ونقله البغوي عن نص الشافعي لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { نعم الإدام الخل } رواه مسلم ( وأصحهما ) وأشهرهما - وبه قطع المصنف والجمهور - يطبخ بحلو تفاؤلا بحلاوة أخلاقه . وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يحب الحلوى والعسل } وعلى هذا لو طبخ بحامض ففي كراهته وجهان حكاهما الرافعي والصحيح أنه لا يكره ; لأنه [ ص: 411 ] ليس فيه نهي ، قال أصحابنا : والتصدق بلحمها ومرقها على المساكين بالبعث إليهم أفضل من الدعاء إليها ، ولو دعا إليها قوما جاز ، ولو فرق بعضها ودعا ناسا إلى بعضها جاز ، قال المصنف والأصحاب : ويستحب أن يأكل منها ويتصدق ويهدي كما قلنا في الأضحية ، والله أعلم . .



                                      ( فرع ) نقل الرافعي أنه يستحب أنه يعطي القابلة رجل العقيقة ، وفي سنن البيهقي عن علي رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة فقال : زني شعر الحسين وتصدقي بوزنه فضة وأعطى القابلة رجل العقيقة } وروي موقوفا على علي رضي الله عنه .



                                      ( الثامنة ) السنة ذبح العقيقة يوم السابع من الولادة ، وهل يستحب يوم الولادة من السبعة ؟ فيه وجهان حكاهما الشاشي وآخرون ( أصحهما ) يحسب فيذبح في السادس مما بعده ( والثاني ) لا يحسب فيذبح في السابع مما بعده ، وهو المنصوص في البويطي ولكن المذهب الأول وهو ظاهر الأحاديث ، فإن ولد في الليل حسب اليوم الذي يلي تلك الليلة بلا خلاف . نص عليه في البويطي مع أنه نص فيه أن لا يحسب اليوم الذي ولد فيه . قال المصنف والأصحاب : فلو ذبحها بعد السابع أو قبله وبعد الولادة أجزأه وإن ذبحها قبل الولادة لم تجزه بلا خلاف ، بل تكون شاة لحم . قال أصحابنا : ولا تفوت بتأخيرها عن السبعة . لكن يستحب أن لا يؤخر عن سن البلوغ . قال أبو عبد الله البوشنجي من أئمة أصحابنا : إن لم تذبح في السابع ذبحت في الرابع عشر ، وإلا ففي الحادي والعشرين ، ثم هكذا في الأسابيع . وفيه وجه آخر أنه إذا تكررت السبعة ثلاث مرات فات وقت الاختيار . قال الرافعي : فإن أخر حتى بلغ سقط حكمها في حق غير المولود . وهو مخير في العقيقة عن نفسه قال : واستحسن القفال والشاشي أن يفعلها ، للحديث المروي أن النبي صلى الله عليه وسلم { عق عن نفسه بعد النبوة } ونقلوا عن نصه في البويطي أنه لا يفعله واستغربوه . هذا كلام [ ص: 412 ] الرافعي وقد رأيت أنا نصه في البويطي قال : ولا يعق عن كبير . هذا لفظه بحروفه نقله من نسخة معتمدة عن البويطي وليس هذا مخالفا لما سبق . ; لأن معناه " لا يعق عن البالغ غيره " وليس فيه نفي عقه عن نفسه .

                                      ( وأما ) الحديث الذي ذكره في عق النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه فرواه البيهقي بإسناده عن عبد الله بن محرر بالحاء المهملة والراء المكررة عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم { عق عن نفسه بعد النبوة } وهذا حديث باطل قال البيهقي : هو حديث منكر ، وروى البيهقي بإسناده عن عبد الرزاق قال : إنما تركوا عبد الله بن محرر بسبب هذا الحديث ، قال البيهقي : وقد روي هذا الحديث من وجه آخر عن قتادة ، ومن وجه آخر عن أنس وليس بشيء ، فهو حديث باطل وعبد الله بن محرر ضعيف متفق على ضعفه ، قال الحفاظ : هو متروك ، والله تعالى أعلم . .



                                      ( فرع ) لو مات المولود بعد اليوم السابع وبعد التمكن من الذبح فوجهان حكاهما الرافعي ( أصحهما ) يستحب أن يعق عنه ( والثاني ) يسقط بالموت . .



                                      ( فرع ) يستحب كون ذبح العقيقة في صدر النهار ، كذا نص عليه الشافعي في البويطي وتابعه الأصحاب . .



                                      ( التاسعة ) قال أصحابنا : إنما يعق عن المولود من تلزمه نفقته من مال العاق لا من مال المولود ، قال الدارمي والأصحاب : فإن عق من مال المولود ضمن العاق قال أصحابنا : فإن كان المنفق عاجزا عن العقيقة فأيسر في الأيام السبعة استحب له العق وإن أيسر بعدها وبعد مدة النفاس سقط عنه ، وإن أيسر في عدة النفاس فوجهان حكاهما الرافعي لبقاء أثر الولادة قال أصحابنا : وأما الحديث الصحيح في عق النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين [ ص: 413 ] فقد يقال إنه مخالف لقول أصحابنا إن العقيقة في مال من عليه النفقة لا في مال المولود ، قال الأصحاب : وهو متأول على أنه صلى الله عليه وسلم أمر أباهما بذلك أو أعطاه ما عق به ، أو أن أبويهما كانا عند ذلك معسرين فيكونان في نفقة جدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم .

                                      ( العاشرة ) قال أصحابنا : حكم العقيقة في التصدق منها والأكل والهدية والادخار وقدر المأكول وامتناع البيع وتعين الشاة إذا عينت للعقيقة كما ذكرنا في الأضحية سواء لا فرق بينهما . وحكى الرافعي وجها أنه إذا جوزنا العقيقة بما دون الجذعة لم يجب التصدق ، وجاز تخصيص الأغنياء بها ، والله أعلم . .



                                      ( الحادية عشرة ) قال أصحابنا : يكره أن يلطخ رأس المولود بدم العقيقة ولا بأس بلطخه بخلوق أو زعفران ، وفي استحباب الخلوق أو الزعفران وجهان حكاهما الرافعي ( أشهرهما ) وبه قطع المصنف وغيره : يستحب .



                                      ( الثانية عشرة ) يستحب حلق رأس المولود يوم سابعه ، قال أصحابنا : ويستحب أن يتصدق بوزن شعره ذهبا ، فإن لم يفعل ففضة ، سواء فيه الذكر والأنثى ، هكذا قاله أصحابنا ، واستدلوا بحديث رواه مالك والبيهقي وغيرهما مرسلا عن محمد بن علي بن الحسين قال { وزنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر حسن وحسين وزينب وأم كلثوم فتصدقت بزنة ذلك فضة } ورواه البيهقي مرفوعا من رواية علي رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة أن تتصدق بزنة شعر الحسين فضة } وفي إسناده ضعف ، وفي رواية أخرى ضعيفة { تصدقوا بزنته فضة فكان وزنه درهما أو بعض درهم } . واعلم أن هذا الحديث روي من طرق كثيرة ذكرها البيهقي كلها [ ص: 414 ] متفقة على التصدق بزنته فضة ليس في شيء منها ذكر الذهب بخلاف ما قاله أصحابنا والله أعلم وهل يقدم الحلق على الذبح ؟ فيه وجهان ( أصحهما ) وبه قطع المصنف والبغوي والجرجاني وغيرهم يستحب كون الحلق بعد الذبح ، وفي الحديث إشارة إليه ( والثاني ) يستحب كونه قبل الذبح وبهذا قطع المحاملي في المقنع ، ورجحه الروياني ونقله عن نص الشافعي . والله أعلم . .



                                      ( الثالثة عشرة ) قال المصنف والأصحاب يكره القزع وهو حلق بعض الرأس للحديث الصحيح الذي ذكره المصنف وقد سبقت المسألة مستقصاة في باب السواك ، وسبق هناك بيان حكم حلق كل الرأس وبيان ما يتعلق باللحية وخضاب الشعر وأشباه ذلك . .



                                      ( فرع ) فعل العقيقة أفضل من التصدق بثمنها عندنا . وبه قال أحمد وابن المنذر . .




                                      الخدمات العلمية