الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قضاء الوصي ديون الميت بغير محضر من الورثة

                                                                                                                                                                                                        2629 حدثنا محمد بن سابق أو الفضل بن يعقوب عنه حدثنا شيبان أبو معاوية عن فراس قال قال الشعبي حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما أن أباه استشهد يوم أحد وترك ست بنات وترك عليه دينا فلما حضر جداد النخل أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله قد علمت أن والدي استشهد يوم أحد وترك عليه دينا كثيرا وإني أحب أن يراك الغرماء قال اذهب فبيدر كل تمر على ناحيته ففعلت ثم دعوته فلما نظروا إليه أغروا بي تلك الساعة فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدرا ثلاث مرات ثم جلس عليه ثم قال ادع أصحابك فما زال يكيل لهم حتى أدى الله أمانة والدي وأنا والله راض أن يؤدي الله أمانة والدي ولا أرجع إلى أخواتي بتمرة فسلم والله البيادر كلها حتى أني أنظر إلى البيدر الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه لم ينقص تمرة واحدة قال أبو عبد الله أغروا بي يعني هيجوا بي فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء [ ص: 485 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 485 ] قوله : ( باب قضاء الوصي ديون الميت بغير محضر من الورثة ) قال الداودي : لا خلاف بين العلماء في حكم هذه الترجمة أنه جائز .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا محمد بن سابق ، أو الفضل بن يعقوب عنه ) هكذا وقع هنا بالشك ، وقد روى البخاري عن أبي جعفر محمد بن سابق البغدادي مولى بني تميم بواسطة من أول حديث في الجهاد وهو عقب هذا سواء وفي المغازي والنكاح والأشربة ، ولم يرو عنه بغير واسطة إلا في هذا الموضع مع التردد في ذلك ، وأما الفضل بن يعقوب فتقدم ذكره في البيوع ، وأخرج عنه أيضا في الجزية وغيرها ، وشيبان هو ابن عبد الرحمن ، وفراس بكسر الفاء وتخفيف الراء . وحديث جابر المذكور يأتي الكلام عليه مستوفى في علامات النبوة ، وقد سبق في الصلح والاستقراض وفي الهبة وغيرها ، وقوله فيه : " اذهب فبيدر " بفتح الموحدة وسكون التحتانية بعدها دال مكسورة بصيغة فعل الأمر ، أي اجعل كل صنف في بيدر - أي جرين - يخصه . ووقع في رواية أبي ذر عن السرخسي " فبادر " . وقوله : " ولا أرجع إلى أخواتي تمرة " كذا للأكثر بنزع الخافض ، وللكشميهني " بتمرة " بإثباتها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال أبو عبد الله " أغروا بي " يعني هيجوا بي ) فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء وقع هذا للمستملي وحده وأغروا بضم الهمزة مبني لما لم يسم فاعله ، يقال أغري بكذا إذا لهج به وأولع ، وقال أبو عبيدة في " المجاز " في قوله تعالى : فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء : الإغراء التهييج والإفساد ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        ( خاتمة ) : اشتمل كتاب الوصايا وما معه من أبواب الوقف من الأحاديث المرفوعة على ستين حديثا ، المعلق منها ثمانية عشر طريقا والبقية موصولة ، المكرر منها فيه وفيما مضى اثنان وأربعون حديثا والخالص ثمانية عشر حديثا وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث عمرو بن الحارث " ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا " وحديث ابن عباس " كان المال للولد " ، وحديثه " هما واليان " وحديثه في قصة تميم الداري ، وحديث الدين قبل الوصية ، وأما حديث " لا صدقة إلا عن ظهر غنى " فمذكور عند مسلم بالمعنى ، وأما حديث عثمان في بئر رومة فما هـو عنده لكن تقدم في الشرب مختصرا معلقا ، وأغفله المزي في الأطراف هنا وهناك . وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم اثنان وعشرون أثرا . والله تعالى أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية