الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) إذا وقف ( على من لا يحاط بهم ) كالفقراء وأبناء السبيل ( أو على قوم وأعقابهم ، أو على كولده ) ، أو ولد ولده ، أو على إخوته ، أو بني عمه ( ولم يعينهم ) بقوله فلان وفلان ( فضل المولى ) بفتح اللام مشددة أي الناظر أي قدم في المسائل الثلاث ( أهل الحاجة والعيال ) الفقراء بالاجتهاد لأن قصد الواقف الإحسان والإرفاق ( في غلة وسكنى ) [ ص: 97 ] ولا يعطى الغني فإن عين كولدي زيد وعمرو وفاطمة فإنه يسوى بينهم الذكر والأنثى والغني والفقير والصغير والكبير والحاضر والغائب ( ولم يخرج ساكن ) بوصف استحقاق فقر فاستغنى ( لغيره ) ولو محتاجا لأن العبرة الاحتياج في الابتداء وكذا لو سكن الأول بوصف طلب علم ما لم يترك الطلب فإنه يخرج كما لو سكن بوصف ، ثم زال كأحداث قومي أو صغارهم ( إلا بشرط ) من المحبس أن من استغنى يخرج لغيره فيعمل بشرطه ( أو سفر انقطاع ) فيأخذه غيره فإن سافر ليعود فلا يخرج أي لا يسقط حقه وله حبس مفتاحه لا كراؤه ; لأنه مالك انتفاع لا منفعة وقيل : يكريه إلى أن يعود ( أو ) سفر ( بعيد ) يغلب على الظن عدم عوده منه

التالي السابق


( قوله : أو على قوم إلخ ) أي كبني فلان وأعقابهم . ( قوله : والعيال ) أي وأهل العيال الفقراء وظاهره ، وإن لم يكن ذا حاجة لأنه مظنة الاحتياج كما قاله الشيخ كريم الدين . ( قوله : والإرفاق ) أي بالموقوف عليهم . ( قوله : في غلة ) أي إن كان المقصود من الوقف تفريق الغلة عليهم وقوله : وسكنى أي إذا كان المقصود من الوقف سكناهم ثم إن التفصيل بالسكنى بالتخصيص وأما بالغلة فهو إما بالزيادة إن قبلت الاشتراك أو بالتخصيص إن لم تسع الاشتراك قاله الشيخ العدوي .

هذا وما ذكره المصنف من تفضيل ذي الحاجة والعيال بالغلة والسكنى هو قول سحنون ومحمد بن المواز وصرح ابن رشد بمشهوريته وفي المدونة [ ص: 97 ] يفضل الأعلى فإن كان فضل أعطي للأسفل وقال المغيرة وغيره يسوى بينهم ، قال ابن رشد في أجوبته وبه العمل ورجحه اللخمي وقال إنه أحسن وقال ابن عبد السلام إنه أقرب ، لكن القولان الأخيران في المعقب فقط كما في المدونة وأما من لا يحاط بهم فقال ابن عرفة يقسم ما على غير المنحصر بالاجتهاد اتفاقا ا هـ بن . ( قوله : ولا يعطى الغني ) هذا مفهوم قوله " أهل الحاجة " وعبارة عبق وفهم من قوله أهل الحاجة أن الغني لا يعطى شيئا وأنهم إن تساووا فقرا ، أو غنى أوثر الأقرب بالاجتهاد وأعطي الفضل لمن يليه فإن تساووا فقرا ، أو غنى ولم يكن أقرب ولم يسعهم أكري عليهم وقسم كراؤه بينهم بالسواء إلا أن يرضى أحدهم بما يصير لأصحابه من الكراء ويسكن فيها فله ذلك كما في ح . ( قوله : فإنه ) أي المولى يسوي بينهم أي في الغلة والسكنى . ( قوله : ولم يخرج ) مثل السكنى في ذلك الغلة ، واعلم أن قول المصنف ولم يخرج ساكن لغيره ولو محتاجا فيما إذا كان الوقف على قوم وأعقابهم ، أو على كولده ولم يعينه وأما الوقف على الفقراء ، أو طلبة العلم ، أو على الشباب ، أو الصغار أو الأحداث فإن من زال وصفه بعد سكناه يخرج ، فقول الشارح كما لو سكن بوصف أي غير ما تقدم من طلب العلم والفرق بين القسم الأول والثاني أن الاستحقاق من الوقف في القسم الثاني علق بوصف وقد زال فيزول الاستحقاق بزواله وأما في القسم الأول فالاستحقاق لم يعلق بالفقر بل بغيره والفقراء مقتض لتقديمه فقط والمعنى الذي علق به الاستحقاق باق لم يزل فتأمل . ( قوله : أي لا يسقط حقه ) أشار بهذا إلى أن المراد بعدم خروجه عدم سقوط حقه ، وإلا فهو قد خرج منه ; لأنه مسافر وأخذ أبو الحسن من هذه المسألة أعني قوله فإن سافر ليعود لم يسقط حقه أن من قام من المسجد لوضوء مثلا فهو أحق بموضعه . ( قوله : وقيل يكريه إلى أن يعود ) أي وهو قول الباجي وغيره وفي حمل سفره مع جهل حاله على الانقطاع ، أو الرجوع قولان وظاهر ابن عرفة ترجيح الثاني .




الخدمات العلمية