الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) قضى ( لراهن ) وجد ( بيده رهنه بدفع الدين ) للمرتهن ولم يصدقه بل ادعى سقوطه أو إعارته أو سرقته أو غصبه ويبرأ الراهن من الدين إن قام المرتهن بعد طول ، فإن قام بالقرب فالقول للمرتهن بلا خلاف ، ذكره الخطاب . فتحصل أنه يقضي للراهن بأنه دفع الدين الذي عليه أي بيمينه إن طال زمن حوزه لرهنه وإلا فالقول للمرتهن ، وأما الوثيقة فالقول للمرتهن مطلقا والفرق أن الاعتناء بالرهن أشد من الاعتناء بالوثيقة ( كوثيقة زعم ربها سقوطها ) أي كما يقضي للمدين [ ص: 292 ] بدفع الدين لربه إن ادعى الوفاء وتقطيع الحجة وادعى رب الدين عدمه وأن الحجة ضاعت منه ، وليس على المدعى عليه إلا اليمين أنه وفاه جميع الدين ، ولا يخالف هذا قوله ولربها ردها إلخ لوجود الوثيقة بيد المدين فيها فهي من جزئيات قولهم من ادعى القضاء فعليه البيان وإلا غرم وهي مخصوصة بهذا فليتأمل ( ولم يشهد ) أي لم يجز أن يشهد ( شاهدها ) أي الوثيقة ، الذي كتب شهادته فيها ( إلا بها ) أي بإحضارها يعني ولم يكن الشاهد مستحضرا للقضية فطلب إحضار الوثيقة ليتذكرها ويعلم حقيقة ما فيها والحال أن المدعى عليه منكر أو ادعى دفع الجميع ورب الدين ادعى دفع البعض

التالي السابق


( قوله وقضى لراهن إلخ ) حاصله أن الرهن إذا وجد بيد راهنه فطالبه المرتهن بدين الرهن فادعى الراهن أنه دفعه إليه فكذبه المرتهن وقال لم تدفع شيئا منه والرهن سقط مني أو سرق مني فالقول قول الراهن بيمينه ويبرأ من الدين هذا إذا قام المرتهن على الراهن بعد طول من حوز الراهن للرهن ، فإن قام بالقرب كان القول قول المرتهن بيمينه ( قوله ولم يصدقه ) أي والحال أن المرتهن لم يصدقه في دعواه أنه دفع الدين الذي عليه ( قوله بل ادعى سقوطه أو إعارته أو سرقته إلخ ) في تسويته بين دعوى الإعارة وغيرها نظر بل التفصيل إنما هو في غير الإعارة كدعوى السرقة والغصب أو السقوط ، وأما في الإعارة فالقول للراهن مطلقا قام المرتهن عن قرب أو بعد انظر بن ( قوله بعد طول ) أي من حوز الراهن للرهن ، وقوله فإن قام بالقرب أي من حوز الراهن لرهنه ، والقرب عشرة أيام فأقل والبعد ما زاد عليها كذا قرر شيخنا ( قوله فالقول للمرتهن ) الأولى فالقول لربها مطلقا سواء قام بالقرب أو بعد طول ( قوله أشد من الاعتناء بالوثيقة ) أي فالشأن أن الوثيقة توضع في الجيب ، وأما الرهن فشأنه أن يوضع في الصندوق فيندر سقوط الرهن بالنسبة للوثيقة ( قوله كوثيقة زعم ربها سقوطها ) هذا تشبيه فيما تضمنه قوله وقضى لراهن إلخ من أنه لا شيء للمرتهن وحاصله أن من ادعى على آخر بدين وزعم أن له وثيقة به وأنها سقطت أو تلفت [ ص: 292 ] ولم توجد بيد أحد فقال المدعى عليه قد دفعت لك الدين وقطعت الوثيقة فالقول قول المدعى عليه ولا يلزمه إلا اليمين أنه وفاه جميع الدين وذلك لأن فقد الوثيقة من يد المدعي وهو رب الدين بمنزلة شاهد للمدعى عليه فيحلف معه ( قوله بدفع الدين لربه ) أي بأنه قد دفع الدين لربه .

( قوله وليس على المدعى عليه ) أي الذي هو المدين إلا اليمين وذلك لأن فقد الوثيقة من يد رب الدين شاهد للمدين فيحلف معه ( قوله لوجود الوثيقة بيد المدين فيها ) أي بخلاف ما هنا فلم توجد الوثيقة بيد أحد ( قوله فهي ) أي هذه المسألة وهي قول المصنف كوثيقة زعم ربها إلخ ( قوله وهي ) أي القاعدة التي قالوها مخصوصة بهذه أي مخرج من عمومها هذه المسألة ( قوله ولم يشهد شاهدها إلا بها ) جملة مستأنفة لا ارتباط لها بالمسألة قبلها ( قوله يعني ولم يكن ) أي والحال أنه لم يكن إلخ ، وأشار الشارح إلى أن ما ذكره المصنف من أن شاهد الوثيقة لا يجوز له أن يشهد بما فيها إلا بعد حضورها مقيد بأمرين الأول أن يكون الشاهد غير متذكر للقضية ، وأما إن كان متذكرا لها فلا تتوقف شهادته على حضورها ، والثاني أن يكون المدعى عليه منكرا للحق من أصله أو مدعيا لدفع جميعه والمدعي يدعي دفع بعضه والحال أن الوثيقة مكتتبة بما دفع فإذا كان الشاهد غير مستحضر لما دفع فلا يشهد إلا بها




الخدمات العلمية