الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2132 حدثنا محمد بن بشار حدثنا ابن أبي عدي عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب حدثني طاووس عن ابن عمر وابن عباس يرفعان الحديث قال لا يحل للرجل أن يعطي عطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ثم عاد في قيئه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح قال الشافعي لا يحل لمن وهب هبة أن يرجع فيها إلا الوالد فله أن يرجع فيما أعطى ولده واحتج بهذا الحديث

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( لا يحل لرجل إلخ ) هذا ظاهر في تحريم الرجوع في الهبة ، والقول بأنه مجاز عن الكراهة الشديدة صرف له عن ظاهره ( ثم يرجع ) بالنصب عطف على يعطي ( فيها ) أي في عطيته ( إلا الوالد ) بالنصب على الاستثناء ( فيما يعطي ولده ) استدل به على أن للأب أن يرجع فيما وهبه لابنه وكذلك الأم وهو قول أكثر الفقهاء إلا أن المالكية فرقوا بين الأب والأم فقالوا للأم أن ترجع إن كان الأب حيا دون ما إذا مات ، وقيدوا رجوع الأب بما إذا كان الابن الموهوب له لم يستحدث دينا أو ينكح ، وبذلك قال إسحاق ، وقال الشافعي : للأب الرجوع مطلقا ، وقال أحمد : لا يحل لواهب أن يرجع في هبته مطلقا ، وقال الكوفيون : إن كان الموهوب صغيرا لم يكن للأب الرجوع وكذا إن كان كبيرا وقبضها ، قالوا وإن كانت الهبة لزوج من زوجته ، أو بالعكس أو لذي رحم لم يجز الرجوع في شيء من ذلك ، ووافقهم إسحاق في ذي الرحم وقال : للزوجة أن ترجع بخلاف الزوج ، والاحتجاج لكل واحد من ذلك يطول .

                                                                                                          ويؤيد ما ذهب إليه الجمهور أن الولد وماله لأبيه [ ص: 278 ] فليس في الحقيقة رجوعا ، وعلى تقدير كونه رجوعا فربما اقتضته مصلحة التأديب ونحو ذلك كذا في الفتح ( ومثل الذي يعطي العطية ) أي لغير ولده ( أكل ) أي استمر على الموكل كل شيء ( حتى إذا شبع ) بكسر الموحدة .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححاه .

                                                                                                          قوله : ( قال الشافعي لا يحل لمن وهب هبة أن يرجع فيها إلا الوالد إلخ ) هذا هو الظاهر والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية