الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4410 [ 2309 ] وعن سعد بن أبي وقاص قال: استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك. فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب". قال عمر: فأنت يا رسول الله أحق أن يهبن، ثم قال عمر: أي عدوات أنفسهن، أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ! قلن: نعم؛ أنت أغلظ وأفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك".

                                                                                              رواه أحمد ( 1 \ 171 )، والبخاري (3683)، ومسلم (2396).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله: " استأذن عمر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسوة من قريش يكلمنه، ويستكثرنه ") أي: من مكالمته، ويحتمل: أنهن يسألنه حوائج كثيرة.

                                                                                              و (قوله: " عالية أصواتهن ") قيل: يحتمل أن يكون هذا قبل نزول قوله تعالى: لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي [الحجرات: 2] وقيل: يحتمل أن ارتفاع أصواتهن لكثرتهن، واجتماع كلامهن، لا أنهن رفعن أصواتهن.

                                                                                              قلت: ويحتمل أن يكون فيهن من كن جهوريات الأصوات، لا يقدرن على خفضها، كما كان ثابت بن قيس بن شماس ، والله أعلم.

                                                                                              [ ص: 259 ] و (قوله: " ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك ") الفج: الطريق الواسع، وهو أيضا: الطريق بين جبلين، والظاهر: بقاء هذا اللفظ على ظاهره، ويكون معناه: أن الشيطان يهابه ويجانبه، لما يعلم من هيبته، وقوته في الحق، فيفر منه إذا لقيه، ويكون هذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: " إن الشيطان ليفرق منك يا عمر ". ويعني بالشيطان: جنس الشياطين، ويحتمل أن يكون ذلك مثلا لبعده عنه، وأنه لا سبيل له عليه، والأول أولى.




                                                                                              الخدمات العلمية