الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في تعظيم المؤمن

                                                                                                          2032 حدثنا يحيى بن أكثم والجارود بن معاذ قالا حدثنا الفضل بن موسى حدثنا الحسين بن واقد عن أوفى بن دلهم عن نافع عن ابن عمر قال صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله قال ونظر ابن عمر يوما إلى البيت أو إلى الكعبة فقال ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الحسين بن واقد وروى إسحق بن إبراهيم السمرقندي عن حسين بن واقد نحوه وروي عن أبي برزة الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( وعن أوفى بن دلهم ) البصري العدوي ، صدوق من السابعة ، قوله : ( صعد ) بكسر العين أي طلع ( فنادى بصوت رفيع ) أي عال ( قال ) بيان لقوله فنادى ( يا معشر من أسلم بلسانه ) يشترك فيه المؤمن والمنافق ( ولم يفض ) من الإفضاء أي لم يصل ( الإيمان ) أي أصله وكماله ( إلى قلبه ) فيشمل الفاسق وهو الأظهر كما سيأتي من قوله تتبع عورة أخيه المسلم ولا أخوة بين المسلم والمنافق ، فما اختاره الطيبي من حصر حكم الحديث على المنافق خلاف الظاهر الموافق ، والحكم بالأعم هو الوجه الأتم ، قاله القاري : وفيه ما فيه فتأمل .

                                                                                                          ( لا تؤذوا المسلمين ) أي الكاملين في الإسلام وهم الذين أسلموا بلسانهم وآمنوا بقلوبهم ( ولا تعيروهم ) من التعيير وهو التوبيخ والتعييب على ذنب سبق لهم من قديم العهد ، سواء علم توبتهم منه أم لا ، وأما التعيير في حال المباشرة أو بعيده قبل ظهور التوبة فواجب لمن قدر عليه ، وربما يجب الحد أو التعزير فهو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

                                                                                                          ( ولا تتبعوا ) من باب الافتعال أي لا [ ص: 153 ] تجسسوا ( عوراتهم ) فيما تجهلونها ولا تكشفوها فيما تعرفونها ( فإنه ) أي الشأن ( من تتبع ) بصيغة الماضي المعلوم من باب التفعل أي من طلب ، وفي بعض النسخ يتبع بصيغة المضارع المعلوم من باب الافتعال هنا وفيما بعد من الموضعين ، ( عورة أخيه ) أي ظهور عيب أخيه ( المسلم ) أي الكامل بخلاف الفاسق فإنه يجب الحذر والتحذير عنه ( تتبع الله عورته ) ذكره على سبيل المشاكلة أي كشف عيوبه ومن أقبحها تتبع عورة الأخ المسلم ، وهذا في الآخرة ( ومن يتبع الله عورته يفضحه ) من فضح كمنع أي يكشف مساويه ( ولو في جوف رحله ) أي ولو كان في وسط منزله مخفيا من الناس ، قال تعالى : إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون .

                                                                                                          ( ما أعظمك وأعظم حرمتك ) هما صيغتا التعجب والحرمة بالضم وبضمتين وكهمزة ما لا يحل انتهاكه ، كذا في القاموس ( والمؤمن ) أي الكامل .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) وأخرجه ابن حبان في صحيحه قال الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمة أوفى بن دلهم : حسن الترمذي حديثه : يا معشر من آمن بقلبه : وليس له عنده غيره انتهى ، ( وقد روي عن أبي برزة الأسلمي إلخ ) رواه أحمد في مسنده ص 421 4 ج وأبو داود ورواه أبو يعلى بإسناد حسن من حديث البراء كما في الترغيب .




                                                                                                          الخدمات العلمية