الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وإن وجبت الزكاة وليس في البلد الذي فيه المال أحد من الأصناف نقلها إلى أقرب البلاد ; لأنهم أقرب إلى المال . فإن وجد فيه بعض الأصناف ففيه طريقان : ( أحدهما ) يغلب حكم المكان فيدفع إلى من في بلد المال من الأصناف .

                                      ( والثاني ) يغلب حكم الأصناف فيدفع إلى من في بلد المال [ من الأصناف ] بسهمهم ، وينقل الباقي إلى بقية الأصناف في غير بلد المال وهو الصحيح ; لأن استحقاق الأصناف أقوى ; لأنه ثبت بنص الكتاب ، واعتبار البلد ثبت بخبر الواحد ، فقدم من ثبت حقه بنص الكتاب ، فإن قسم الصدقة على الأصناف فنقص نصيب بعضهم عن كفايتهم ونصيب الباقين على قدر كفايتهم دفع إلى كل واحد منهم ما قسم له ، ولا يدفع إلى من ينقص سهمه عن كفايته من نصيب الباقين شيء ; لأن كل صنف منهم ملك سهمه ، فلا ينقص حقه لحاجة غيره ، وإن كان نصيب بعضهم ينقص عن كفايته ونصيب البعض يفضل عن كفايته - فإن قلنا : المغلب اعتبار البلد الذي فيه المال صرف ما فضل إلى بقية الأصناف في البلد ، وإن قلنا : المغلب اعتبار الأصناف صرف الفاضل إلى ذلك الصنف الذي فضل عنهم بأقرب البلاد ) .

                                      [ ص: 217 ]

                                      التالي السابق


                                      [ ص: 217 ] الشرح ) قال أصحابنا : إذا عدم في بلد جميع الأصناف وجب نقل الزكاة إلى أقرب البلاد إلى موضع المال ، فإن نقل إلى الأبعد كان على الخلاف في نقل الزكاة وإن عدم بعضهم - فإن جوزنا نقل الزكاة - نقل نصيب المعدوم إلى ذلك الصنف بأقرب البلاد ، وإن لم نجوزه فوجهان مشهوران ، وحكاهما المصنف طريقين ، والمعروف في كتب الأصحاب وجهان ، ولعله أراد أنهما بالتفريع عليهما يصيران طريقين ( أصحهما ) عند المصنف وجماعة يغلب حكم الأصناف ، فينقل ; لما ذكره المصنف وأصحهما عند آخرين ، منهم الرافعي يغلب حكم البلد ، فيرد على باقي الأصناف ، في البلد ; لأن عدم الشيء في موضعه كعدمه مطلقا ، كما أن من عدم الماء تيمم مع أنه موجود في موضع آخر .

                                      ( فإن قلنا ) : ينتقل ، نقل إلى أقرب البلاد ، وصرف إلى ذلك الصنف ، فإن نقل إلى أبعد أو لم ينقل وفرقه على الباقين ضمن .

                                      ( وإن قلنا ) : لا ينقل ، فنقل ضمن ، ولو وجد كل الأصناف ونقص سهم بعضهم عن الكفاية ، وزاد سهم بعضهم على الكفاية ، فهل يصرف ما زاد إلى هذا الصنف الناقص سهمه ؟ أم ينقل إلى الصنف الذين زاد سهمهم عنهم بأقرب البلاد ؟ فيه هذا الخلاف .

                                      ( فإن قلنا ) : يصرف إلى الناقصين فكانوا أصنافا قسم بينهم بالسوية ، ولو زاد نصيب جميع الأصناف على الكفاية ، أو نصيب بعضهم ولم ينقص نصيب الآخرين ، نقل ما زاد إلى ذلك الصنف بأقرب البلاد بلا خلاف ، والله تعالى أعلم .




                                      الخدمات العلمية