الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وإن كان الذي يفرق الزكاة رب المال سقط سهم العامل ; لأنه لا عمل له فيقسم الصدقة على سبعة [ أصناف ] لكل صنف سهم على ما بيناه ، فإن كان في الأصناف أقارب له لا يلزمه نفقتهم ، فالمستحب أن يخص الأقارب ، لما روت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها [ ص: 210 ] قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { الصدقة على المسكين صدقة ، وهي على ذي القرابة صدقة وصلة } ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) هذا الحديث صحيح رواه البيهقي في السنن الكبير بإسناد صحيح ولفظه { أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح } وروى الترمذي والنسائي بإسنادهما عن سلمان بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم { الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم اثنتان ، صدقة وصلة } . وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الرحم شجنة من الله تعالى من وصلها وصله الله ، ومن قطعها قطعه الله } رواه البخاري ومسلم - والشجنة بكسر الشين وضمها وفتحها - ثلاث لغات ، ومعناه أن قرابة الإنسان لقريبه سبب واصل بينهما . وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه } رواه البخاري ومسلم ، وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة جمعت معظمها في رياض الصالحين .

                                      ( أما أحكام الفصل ) فقوله : إن كان الذي يفرق الزكاة رب المال سقط سهم العامل ، هو كما قال ، وهو ظاهر ، وسبق مثله ( وأما ) قوله : إن كان في الأصناف أقارب له لا يلزمه نفقتهم استحب أن يخص الأقرب ، فمتفق عليه أيضا ; لما ذكرنا من الأحاديث قال أصحابنا : يستحب في صدقة التطوع وفي الزكاة ، والكفارة صرفها إلى الأقارب إذا كانوا بصفة الاستحقاق ، وهم أفضل من الأجانب ، قال أصحابنا : والأفضل أن يبدأ بذي الرحم المحرم كالإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات ، ويقدم الأقرب فالأقرب ، وألحق بعض أصحابنا الزوج والزوجة بهؤلاء ; لحديث زينب امرأة ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { زوجك وولدك أحق من تصدقت عليه } رواه مسلم ثم بذي [ ص: 211 ] الرحم غير المحرم كأولاد العم وأولاد الخال ، ثم المحرم بالرضاع ، ثم بالمصاهرة ثم المولى من أعلى وأسفل ثم الجار ، فإن كان القريب بعيد الدار في البلد قدم على الجار الأجنبي ، وإن كان الأقارب خارجين عن البلد ، فإن منعنا نقل الزكاة قدم الأجنبي وإلا فالقريب ، وكذا القول في أهل البادية فحيث كان القريب والجار الأجنبي بحيث يجوز الصرف إليهما قدم القريب . والله تعالى أعلم .




                                      الخدمات العلمية