الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          201 حدثنا يحيى بن موسى حدثنا عبد الله بن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال قال أبو هريرة لا ينادي بالصلاة إلا متوضئ قال أبو عيسى وهذا أصح من الحديث الأول قال أبو عيسى وحديث أبي هريرة لم يرفعه ابن وهب وهو أصح من حديث الوليد بن مسلم والزهري لم يسمع من أبي هريرة واختلف أهل العلم في الأذان على غير وضوء فكرهه بعض أهل العلم وبه يقول الشافعي وإسحق ورخص في ذلك بعض أهل العلم وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( نا عبد الله بن وهب ) بن مسلم القرشي الفقيه ثقة حافظ ( عن يونس ) بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا ، وفي غير الزهري خطأ ، من كبار السابعة ، كذا في التقريب وغيره .

                                                                                                          قوله : ( قال : قال أبو هريرة لا ينادي ) أي يؤذن والحديث موقوف ومنقطع .

                                                                                                          قوله : ( وهذا أصح من الحديث الأول ) أي هذا الحديث الموقوف الذي رواه عبد الله بن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن أبي هريرة أرجح وأقل ضعفا من الحديث الأول المرفوع الذي رواه معاوية بن يحيى عن الزهري عن أبي هريرة فإن هذا المرفوع ضعيف من وجهين كما عرفت ، والموقوف ضعيف من وجه واحد وهو الانقطاع .

                                                                                                          ( والزهري لم يسمع من أبي هريرة ) صار الحديث من الطريقين منقطعا ، لكن رواه أبو الشيخ عن ابن أبي عاصم حدثنا هشام بن عمار حدثنا الوليد بن مسلم عن معاوية بن يحيى عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يؤذن إلا متوضئ وقال البيهقي : كذا رواه معاوية بن يحيي الصدفي وهو ضعيف ، والصحيح رواية يونس وغيره عن الزهري مرسلا ، كذا في عمدة القاري .

                                                                                                          قوله : ( فكرهه بعض أهل العلم وبه يقول الشافعي وإسحاق ) وهو قول عطاء ، قال البخاري في صحيحه : قال عطاء الوضوء حق وسنة ، انتهى . قال الحافظ : وصله عبد الرزاق عن ابن جرير قال : قال لي عطاء حق وسنة مسنونة أن لا يؤذن المؤذن إلا متوضئا هو من الصلاة هو فاتحة [ ص: 512 ] الصلاة ، ولابن أبي شيبة من وجه آخر عن عطاء أنه كره أن يؤذن الرجل على غير وضوء ، انتهى . وهو قول أحمد ، قال صاحب السبل : قد ذهب أحمد وآخرون إلى أنه لا يصح أذان المحدث حدثا أصغر عملا بهذا الحديث ، انتهى ، لكن ذكر الترمذي أحمد في المرخصين ، وذكر العيني في شرح البخاري الشافعي مع أحمد في المرخصين حيث قال : قال صاحب الهداية من أصحابنا : وينبغي أن يؤذن ويقيم على طهر ؛ لأن الأذان والإقامة ذكر شريف ، فيستحب فيه الطهارة ، فإن أذن على غير وضوء جاز . وبه قال الشافعي وأحمد وعامة أهل العلم ، وعن مالك أن الطهارة شرط في الإقامة دون الأذان ، وقال عطاء والأوزاعي وبعض الشافعية تشترط فيهما . انتهى كلام العيني .

                                                                                                          ( ورخص في ذلك بعض أهل العلم ، وبه يقول سفيان وابن المبارك وأحمد ) وهو قول إبراهيم النخعي كما في صحيح البخاري وهو قول مالك والكوفيين ؛ لأن الأذان ليس من جملة الأركان فلا يشترط فيه ما يشترط في الصلاة من الطهارة ، ولا من استقبال القبلة كما لا يستحب فيه الخشوع الذي ينافيه الالتفات وجعل الأصبع في الأذن ، كذا في فتح الباري .

                                                                                                          قلت : العمل على حديث الباب هو الأولى ، فإن الحديث وإن كان ضعيفا لكن له شاهدا من حديث وائل ، قال الحافظ في التلخيص : روى البيهقي والدارقطني في الأفراد وأبو الشيخ في الأذان من حديث عبد الجبار بن وائل عن أبيه قال : حق وسنة أن لا يؤذن الرجل إلا وهو طاهر ، ولا يؤذن إلا وهو قائم ، إلا أن فيه انقطاعا ؛ لأن عبد الجبار ثبت عنه في صحيح مسلم أنه قال : كنت غلاما لا أعقل صلاة أبي ، ونقل النووي اتفاق أئمة الحديث على أنه لم يسمع من أبيه . انتهى ما في التلخيص . وله شاهد آخر من حديث ابن عباس ذكره الزيلعي في نصب الراية بلفظ : يا ابن عباس ، إن الأذان متصل بالصلاة ، فلا يؤذن أحدكم إلا وهو طاهر . أخرجه أبو الشيخ ، والله تعالى أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية