الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وهذا الكتاب ينقسم أولا إلى جملتين :

[ ص: 334 ] الجملة الأولى : في معرفة ضروب الأيمان وأحكامها .

والجملة الثانية : في معرفة الأشياء الرافعة للأيمان اللازمة وأحكامها .

الجملة الأولى

[ في معرفة ضروب الأيمان وأحكامها ]

وهذه الجملة فيها ثلاثة فصول :

الفصل الأول : في معرفة الأيمان المباحة وتمييزها من غير المباحة .

الثاني : في معرفة الأيمان اللغوية والمنعقدة .

الثالث : في معرفة الأيمان التي ترفعها الكفارة والتي لا ترفعها .

الفصل الأول في معرفة الأيمان المباحة وتمييزها من غيرها .

- واتفق الجمهور على أن الأشياء منها ما يجوز في الشرع أن يقسم به ، ومنها ما لا يجوز أن يقسم به . واختلفوا أي الأشياء التي هي بهذه الصفة ، فقال قوم : إن الحلف المباح في الشرع هو الحلف بالله ، وأن الحالف بغير الله عاص . وقال قوم : بل يجوز الحلف بكل معظم بالشرع .

والذين قالوا إن الأيمان المباحة هي الأيمان بالله اتفقوا على إباحة الأيمان التي بأسمائه ، واختلفوا في الأيمان التي بصفاته وأفعاله .

وسبب اختلافهم في الحلف بغير الله من الأشياء المعظمة بالشرع : معارضة ظاهر الكتاب في ذلك للأثر ، وذلك أن الله قد أقسم في الكتاب بأشياء كثيرة مثل قوله : ( والسماء والطارق ) ، وقوله : ( والنجم إذا هوى ) إلى غير ذلك من الأقسام الواردة في القرآن .

وثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : " إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت " .

فمن جمع بين الأثر والكتاب بأن قال : إن الأشياء الواردة في الكتاب المقسوم بها فيها محذوف - وهو الله تبارك وتعالى - ، وأن التقدير : ورب النجم ، ورب السماء قال : الأيمان المباحة هي الحلف بالله فقط .

ومن جمع بينهما بأن المقصود بالحديث إنما هو : أن لا يعظم من لم يعظم الشرع بدليل قوله فيه : " إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم " وأن هذا من باب الخاص أريد به العام ، أجاز الحلف بكل معظم في الشرع .

فإذا سبب اختلافهم هو : اختلافهم في بناء الآي والحديث .

وأما من منع الحلف بصفات الله وأفعاله فضعيف .

وسبب اختلافهم هو : هل يقتصر بالحديث على ما جاء من تعليق الحكم فيه بالاسم فقط ; أو يعدى إلى الصفات والأفعال ، لكن تعليق الحكم في الحديث بالاسم فقط جمود كثير ، وهو أشبه بمذهب أهل الظاهر [ ص: 335 ] وإن كان مرويا في المذهب ، حكاه اللخمي عن محمد بن المواز . وشذت فرقة فمنعت اليمين بالله عز وجل ، والحديث نص في مخالفة هذا المذهب .

التالي السابق


الخدمات العلمية