الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مراتب الصحيح


37 . وأرفع الصحيح مرويهما ثم البخاري ، فمسلم ، فما      38 . شرطهما حوى ، فشرط الجعفي
فمسلم ، فشرط غير يكفي

التالي السابق


اعلم أن درجات الصحيح تتفاوت بحسب تمكن الحديث من شروط الصحة ، وعدم تمكنه . وإن أصح كتب الحديث : البخاري ثم مسلم ، كما تقدم أنه الصحيح .

وعلى هذا : فالصحيح ينقسم إلى سبعة أقسام :

أحدها : -وهو أصحها- ما أخرجه البخاري ومسلم ، وهو الذي يعبر عنه أهل الحديث بقولهم : "متفق عليه" .

والثاني : ما انفرد به البخاري .

والثالث : ما انفرد به مسلم .

والرابع : ما هو على شرطهما ولم يخرجه واحد منهما .

والخامس : ما هو على شرط البخاري وحده .

والسادس : ما هو على شرط مسلم وحده [ ص: 126 ] .

والسابع : ما هو صحيح عند غيرهما من الأئمة المعتمدين ، وليس على شرط واحد منهما .

فقوله : ( ثم البخاري ) ، أي : ثم مروي البخاري وحده . ( وشرطهما ) : مفعول مقدم لـ ( حوى ) .

وقوله : ( فمسلم ) ، أي : فما حوى شرط مسلم . وقوله : ( فشرط غير ) أي : فشرط غيرهما من الأئمة . واستعمال - غير - غير مضافة قليل . ثم ما المراد بقولهم : على شرط البخاري ، أو على شرط مسلم ؟ فقال محمد بن طاهر في كتابه في شروط الأئمة : "شرط البخاري ، ومسلم ، أن يخرجا الحديث المجمع على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور" ، وليس ما قاله بجيد; لأن النسائي ضعف جماعة أخرج لهم الشيخان ، أو أحدهما .

[ ص: 127 ] وقال الحازمي في شروط الأئمة ما حاصله : إن شرط البخاري أن يخرج ما اتصل إسناده بالثقات المتقنين الملازمين لمن أخذوا عنه ، ملازمة طويلة ، وإنه قد يخرج أحيانا عن أعيان الطبقة التي تلي هذه في الإتقان والملازمة ، لمن رووا عنه ، فلم يلزموه إلا ملازمة يسيرة . وإن شرط مسلم أن يخرج حديث هذه الطبقة الثانية ، وقد يخرج حديث من لم يسلم من غوائل الجرح ، إذا كان طويل الملازمة لمن أخذ عنه ، كحماد بن سلمة في ثابت البناني ، وأيوب . هذا حاصل كلامه .

[ ص: 128 ] وقال النووي : "إن المراد بقولهم : على شرطهما أن يكون رجال إسناده في كتابيهما; لأنه ليس لهما شرط في كتابيهما ، ولا في غيرهما" . وقد أخذ هذا من ابن الصلاح ، فإنه لما ذكر كتاب المستدرك للحاكم ، قال : "إنه أودعه ما رآه على شرط الشيخين ، وقد أخرجا عن رواته في كتابيهما" إلى آخر كلامه . وعلى هذا عمل ابن دقيق العيد ، فإنه ينقل عن الحاكم تصحيحه لحديث على شرط البخاري مثلا ، ثم يعترض عليه بأن فيه فلانا ، ولم يخرج له البخاري . وكذلك فعل الذهبي في مختصر المستدرك . وليس ذلك منهم بجيد ، فإن الحاكم صرح في [ ص: 129 ] خطبة كتابه المستدرك بخلاف ما فهموه عنه ، فقال : "وأنا أستعين الله تعالى على إخراج أحاديث رواتها ثقات ، قد احتج بمثلها الشيخان ، أو أحدهما" .

فقوله : بمثلها ، أي : بمثل رواتها ، لا بهم أنفسهم . ويحتمل أن يراد : بمثل تلك الأحاديث . وإنما يكون بمثلها إذا كانت بنفس رواتها . وفيه نظر . وقد بينت المثلية في الشرح الكبير .




الخدمات العلمية