الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء

616 . وليعر المسمى به إن يستعر وإن يكن بخط مالك سطر      617 . فقد رأى حفص وإسماعيل
كذا الزبيري فرضها إذ سيلوا      618 . إذ خطه على الرضا به دل
كما على الشاهد ما تحمل      619 . وليحذر المعار تطويلا وأن
يثبت قبل عرضه ما لم يبن

التالي السابق


أي : ومن كان اسمه في طبقة السماع فأراد أن يستعير الكتاب من مالكه ليستنسخه ، أو ينقل سماعه منه ، فليعره إياه استحبابا ، فإن كان التسميع بخط مالك الكتاب ، فقد قال جماعة من الأئمة بوجوب العارية ، فروى ابن خلاد : أن رجلا ادعى على رجل بالكوفة سماعا منعه إياه فتحاكما إلى قاضيها حفص بن غياث - وهو من الطبقة الأولى من أصحاب أبي حنيفة - فقال لصاحب الكتاب : أخرج إلينا كتبك ، فما [ ص: 501 ] كان من سماع هذا الرجل بخط يدك ألزمناك به ، وما كان بخطه أعفيناك منه . قال ابن خلاد : فسألت أبا عبد الله الزبيري -وهو من أئمة أصحاب الشافعي - عن هذا ، فقال : لا يجيء في هذا الباب حكم أحسن من هذا; لأن خط صاحب الكتاب دال على رضاه باستماع صاحبه معه . قال ابن خلاد : "وقال غيره : ليس بشيء" . وروى الخطيب : أنه تحوكم في ذلك إلى إسماعيل بن إسحاق القاضي - وهو إمام أصحاب مالك - فأطرق مليا ، ثم قال : للمدعى عليه : إن كان سماعه في كتابك بخط يدك فيلزمك أن تعيره ، وإن كان بخط غيرك فأنت أعلم . قال ابن الصلاح : "ويرجع حاصل أقوالهم إلى أن سماع غيره إذا ثبت في كتابه برضاه فيلزمه إعارته إياه . قال : وقد كان لا يبين لي وجهه ، ثم وجهته بأن ذلك بمنزلة شهادة له عنده ، فيلزمه أداؤها بما حوته ، وإن كان فيه بذل ماله ، كما يلزم متحمل الشهادة أداؤها ، وإن كان فيه [ ص: 502 ] بذل نفسه بالسعي إلى مجلس الحكم لأدائها" . انتهى .

ثم إذا أعاره فليحذر المعار له من التطويل بالعارية ، والإبطاء به عليه إلا بقدر الحاجة ، فقد روينا عن الزهري أنه قال : إياك وغلول الكتب قيل : وما غلول الكتب ؟ قال : حبسها عن أصحابها . وروينا عن الفضيل بن عياض ، قال : ليس من فعال العلماء أن يأخذ سماع رجل وكتابه فيحبسه عنه " . انتهى . ثم إذا نسخ الكتاب فلا يثبت سماعه عليه ولا ينقله إلا بعد العرض والمقابلة ، وكذلك لا ينبغي إثبات سماع على كتاب إلا بعد المقابلة ، إلا أن يبين في النقل والإثبات أن النسخة غير مقابلة .




الخدمات العلمية