الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم شرع في بيان علامة انتهاء الحيض بقوله ( والطهر ) من الحيض يحصل ( بجفوف ) وهو عدم تلوث الخرقة بالدم وما معه بأن تخرجها من فرجها جافة من ذلك ولا يضر بللها بغير ذلك من رطوبة الفرج ( أو ) يحصل ب ( قصة ) بفتح القاف ماء أبيض يخرج من فرج المرأة ( وهي أبلغ ) من الجفوف ( لمعتادتها ) فقط أو مع الجفوف بل أبلغ حتى لمعتادة الجفوف خلافا لظاهره فمعتادته إذا رأتها لا تنتظره بخلاف معتادتها إذا رأته وإذا علمت أنها أبلغ ( فتنتظرها ) ندبا معتادتها فقط أو هي مع الجفوف ( لآخر ) الوقت ( المختار ) بإخراج الغاية فلا تستغرق المختار بالانتظار بل توقع الصلاة في بقية منه بحيث يطابق فراغها منها آخره ( وفي ) علامة طهر ( المبتدأة ) ( تردد ) في النقل عن ابن القاسم فنقل عنه الباجي أنها لا تطهر إلا بالجفوف ولا ريب في إشكاله لمخالفته لقاعدته ونقل عنه المازري أنها إذا رأت الجفوف طهرت ولم يقل إذا رأت القصة تنتظر الجفوف فهي تطهر بأيهما سبق وهذا هو المعتمد [ ص: 172 ] وإن كان لا يخلو عن إشكال أيضا ( وليس عليها ) أي على الحائض لا وجوبا ولا ندبا ( نظر طهرها قبل الفجر ) لعلها تدرك العشاءين والصوم بل يكره إذ هو ليس من عمل الناس ولقول الإمام لا يعجبني ( بل ) يجب عليها نظره ( عند النوم ) ليلا لتعلم حكم صلاة الليل والصوم والأصل استمرار ما كانت عليه ( و ) عند صلاة ( الصبح ) وغيرها من الصلوات وجوبا موسعا في الجميع إلى أن يبقى ما يسع الغسل والصلاة فيجب وجوبا مضيقا ولو شكت هل طهرت قبل الفجر أو بعده سقطت الصلاة يعني صلاة العشاءين هذا هو الصواب لا ما في الشراح من أنها الصبح إذ الصبح واجبة قطعا

التالي السابق


( قوله : وما معه ) أي من الكدرة والصفرة ( قوله : أو قصة ) لا إشكال في نجاستها كما قال عياض وغيره والفرج ورطوبته عندنا نجس ولقول صاحب التلقين والقرافي وغيرهما كل ما يخرج من السبيلين فهو نجس نقله ح عند الكلام على الهادي ولا سيما وهي من أنواع الحيض فقد قال ابن حبيب أوله دم وآخره قصة ا هـ بن ( قوله : بل أبلغ ) أي بل هي أبلغ حتى لمعتادة الجفوف كما عند ابن القاسم فهي عنده أبلغ مطلقا ( قوله : خلافا لظاهره ) أي من تقييده الأبلغية بمعتادة القصة وحدها أو مع الجفوف وأجاب أبو علي المسناوي بأن المراد بأبلغيتها كونها تنتظر لا أنها تكتفي بها إذا سبقت فإن هذا يكون في المتساويين أيضا والجفوف إذا اعتيد وحده صار مساويا للقصة للاكتفاء بالسابق منهما وحينئذ صح تقييد الأبلغية بمعتادتها فتأمله .

وحاصل الفقه أن معتادة الجفوف إذا رأت القصة أولا لا تنتظره وإذا رأته أولا لا تنتظر القصة وأما معتادة القصة فقط أو مع الجفوف إذا رأت الجفوف أولا ندب لها انتظار القصة لآخر المختار وإن رأت القصة أولا فلا تنتظر شيئا بعد ذلك ( قوله : لا تطهر إلا بالجفوف ) أي وحينئذ تنتظره ولو خرج الوقت ولا تطهر بالقصة ( قوله : لمخالفته لقاعدته ) أي وهي أبلغية القصة [ ص: 172 ] مطلقا لأنها أدل على براءة الرحم ( قوله : وإن كان لا يخلو عن إشكال ) أي لإفادته المساواة بين القصة والجفوف مع أنها عنده أبلغ مطلقا كما مر وقد يقال إن قوله إذا رأت الجفوف طهرت في نقل المازري لا يفيد مساواة الجفوف للقصة وذلك لأن قوله للسائل لما سأله عن المبتدأة إذا رأت الجفوف طهرت لا ينافي أن القصة أبلغ إذ معلوم أن الأبلغية أمر آخر زائد على كونه علامة على الطهر ولم يسأل عن القصة للعلم بأبلغيتها وعلى هذا فلا إشكال ولا مخالفة في كلام ابن القاسم كذا قرر الشارح وتأمله ( قوله : نظر طهرها ) أي نظر علامة طهرها ( قوله : لتعلم حكم صلاة الليل ) فإذا رأت الدم قد انقطع قبل النوم كانت صلاة الليل واجبة عليها وكذلك صوم صبيحته ولا يقال يحتمل عود الدم ليلا لأن الأصل استمرار انقطاعه وإذا رأت الدم باقيا كانت صلاة الليل والصوم غير واجبين عليها لأن الأصل بقاء ما كان ( قوله : ولو شكت ) أي من رأت علامة الطهر بعد الفجر وقوله سقطت الصلاة هذا ما في النقل وقوله يعني إلخ تفسير له ( قوله : يعني صلاة العشاءين ) أي وأما صلاة الصبح فواجبة عليها لطهرها في وقتها كما يجب عليها في الصوم إمساك ذلك اليوم وقضاؤه كما يأتي للمصنف في الصوم في قوله ومع القضاء إن شكت ( قوله : لا ما في الشارح ) يعني عبق وخش تبعا لعج ( قوله : من أنها ) أي الصلاة الساقطة عنها ( قوله : واجبة قطعا ) أي لطهرها في وقتها ويمكن تصحيح ما في الشراح بحمله على ما إذا استيقظت بعد الشمس وشكت هل طهرت قبل الفجر أو بعده أو بعد الشمس فتسقط عنها الصبح حينئذ كما تسقط العشاءان انظر بن




الخدمات العلمية