الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء

523 . وبعضهم أتى بلفظ موهم (شافهني) (كتب لي) فما سلم      524 . وقد أتى بـ (خبر) الأوزاعي
فيها ولم يخل من النزاع      525 . ولفظ "أن" اختاره ( الخطابي )
وهو مع الإسناد ذو اقتراب      526 . وبعضهم يختار في الإجازه
(أنبأنا) كصاحب الوجازه      527 . واختاره ( الحاكم ) فيما شافهه
بالإذن بعد عرضه مشافهه      528 . واستحسنوا للبيهقي مصطلحا
(أنبأنا) إجازة فصرحا      529 . وبعض من تأخر استعمل عن
إجازة ، وهي قريبة لمن      530 . سماعه من شيخه فيه يشك
وحرف (عن) بينهما فمشترك      531 . وفي البخاري قال لي : فجعله
حيريهم للعرض والمناوله

التالي السابق


هذه الألفاظ استعملها بعض أهل العلم في الرواية بالإجازة . فاستعمل بعضهم فيها : شافهني فلان ، أو أخبرنا مشافهة ، إذا كان قد شافهه بالإجازة لفظا . واستعمل بعضهم في الإجازة بالكتابة كتب لي ، أو إلي فلان ، أو أخبرنا كتابة ، أو في كتابه . وهذه الألفاظ وإن استعملها طائفة من المتأخرين ، فلا يسلم من استعملها من الإيهام ، وطرف من التدليس . أما المشافهة فتوهم مشافهته بالتحديث . وأما الكتابة فتوهم أنه كتب إليه [ ص: 447 ] بذلك الحديث بعينه ، كما كان يفعله المتقدمون ، ومنها لفظ : خبرنا ، وقد ورد عن الأوزاعي : أنه خصص الإجازة بقوله : خبرنا -بالتشديد- ، والقراءة عليه ، بقوله : أخبرنا .

وقولي : ( ولم يخل من النزاع ) أي : إن معنى خبر وأخبر واحد من حيث اللغة ، ومن حيث الاصطلاح المتعارف بين أهل الحديث . ومنها لفظ : " أن " فيقول في الرواية بالسماع عن الإجازة : أخبرنا فلان أن فلانا حدثه ، أو أخبره . وحكي عن الخطابي : أنه اختاره ، أو حكاه . وهو بعيد من الإشعار بالإجازة . وحكاه القاضي عياض عن اختيار أبي حاتم الرازي ، قال : وأنكر هذا بعضهم ، وحقه أن ينكر ، فلا معنى له يتفهم منه المراد ، ولا اعتيد هذا الوضع في المسألة لغة ولا عرفا ولا اصطلاحا . قال ابن الصلاح : وهو فيما إذا سمع منه الإسناد فحسب ، وأجاز له ما رواه قريب; فإن فيها إشعارا بوجود أصل الإخبار ، وإن أجمل المخبر به ولم يذكره تفصيلا . ومنها : أنبأنا ، وهي عند المتقدمين بمنزلة : أخبرنا . وحكى القاضي عياض عن شعبة : أنه قال في الإجازة مرة : أنبأنا ، قال : وروي عنه أيضا : أخبرنا . قلت : وكلاهما بعيد عن شعبة فإنه كان ممن يرى الإجازة كما تقدم نقله عنه . واصطلح قوم من المتأخرين على إطلاقها في الإجازة ، واختاره صاحب الوجازة ، وهو الوليد بن بكر ، وقال الحاكم : الذي أختاره وعهدت عليه أكثر مشايخي ، وأئمة عصري ، أن يقول فيما عرض على المحدث فأجاز له روايته شفاها : أنبأني فلان . وكان البيهقي يقول في الإجازة : أنبأنا إجازة . وفي هذا التصريح بالإجازة مع رعاية [ ص: 448 ] اصطلاح المتأخرين .

ومنها لفظ " عن " ، وكثيرا ما يأتي بها المتأخرون في موضع الإجازة ، قال ابن الصلاح : وذلك قريب فيما إذا كان قد سمع منه بإجازته من شيخه إن لم يكن سماعا فإنه شاك . (وحرف (عن" : مشترك بين السماع والإجازة صادق عليهما .

قولي : ( فمشترك ) ، دخلت الفاء في الخبر على رأي الكسائي . ومنها : قال لي فلان ، وكثيرا ما يعبر بها البخاري ، فقال أبو عمرو محمد بن أبي جعفر أحمد بن حمدان الحيري : كل ما قال البخاري : قال لي فلان ، فهو عرض ومناولة . وقد تقدم أنها محمولة على السماع ، وأنها كـ (أخبرنا) وأنهم كثيرا ما يستعملونها في المذاكرة ، وأن بعضهم جعلها من أقسام التعليق ، وأن ابن منده جعلها إجازة .




الخدمات العلمية