الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( المستحب لكل أحد أن يكثر ذكر الموت لما روى عبد الله بن مسعود { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه استحيوا من الله حق الحياء . قالوا : إنا نستحيي يا نبي الله والحمد لله ، قال : ليس كذلك ، ولكن من استحيا من الله حق الحياء ، فليحفظ الرأس وما وعى ، وليحفظ البطن وما حوى ، وليذكر الموت والبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ، ومن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء } " وينبغي أن يستعد للموت بالخروج من المظالم والإقلاع عن المعاصي والإقبال على الطاعات لما روى البراء بن عازب " { أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر جماعة يحفرون قبرا ، فبكى حتى بل الثرى بدموعه ، وقال : إخواني لمثل هذا فأعدوا } " ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث ابن مسعود رواه الترمذي بإسناد حسن في كتاب الزهد من جامعه ، وحديث البراء رواه ابن ماجه في كتاب الزهد من سننه بإسناد حسن . [ ص: 97 ] وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { أكثروا من ذكر هاذم اللذات ، يعني الموت } " رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه بأسانيد صحيحة كلها على شرط البخاري ومسلم ، ومعنى فأعدوا أي تأهبوا واتخذوا له عدة ، وهي ما يعد للحوادث ، وقوله : الخروج من المظالم ، والإقلاع عن المعاصي ، المراد بالأول المظالم التي للعباد عليه ، وبالثاني المعاصي التي بينه وبين الله تعالى .

                                      ( أما الأحكام ) فيستحب لكل أحد أن يكثر ذكر الموت . قال الشيخ أبو حامد وغيره : وحالة المرض أشد استحبابا لأنه إذا ذكر الموت رق قلبه وخاف فيرجع عن المظالم والمعاصي ، ويقبل على الطاعات ويكثر منها . قال الشيخ أبو حامد : ويستحب الإكثار من ذكر حديث " { استحيوا من الله حق الحياء } " . وثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال " { أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال : كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل } وكان ابن عمر يقول " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك " .




                                      الخدمات العلمية